1
جاء المساء الثلاثون ولم يظهر القمر ..إجتمع الخلق في بيت العجوز ...إنها الليلة الثلاثون ولم يظهر القمر ..فكر العجوز قليلا وقال لهم تريثوا قليلا ربما يظهر في الأيام المقبلة
كيف أيها العجوز ؟ ونحن أقتربنا من شهر الصيام والحج ولا نعلم متى يبدأ ومتى ينتهي.غير كل تلك المصالح المعطلة بسبب إختفاء القمر....؟
أجاب العجوز في هدوءه المعتاد ...إنتظروا فحسب حتى يقترب ...وسأخبركم ونظرإلى شيخ القرية وقال : أليس كذلك ..... أجاب الشيخ : نعم ..كل شئ بأمر الله ..
قال أحدهم السماء صافية منذ خمسة عشر يوما ولم يره أحد كنا نقول ربما الغيوم تعوق رؤيته ولكن لا نرى شيئا
ظهر أحد الفتيان جذب الأنظار وهم واقفا وقال بنبرة واثقا: لقد تجهالتم انتم أهل القرية ذلك الأمر ولم تبعثوا بأحد الرسل الى القرى البعيده وسلمتم أمركم لذلك العجوز ؟ عندما قال لكم لاتخرجوا من أسوار القرية التي بنيتموها وتركتو ذلك الجزء الغربي ؟
علت الضجه وكادوا أن يوسعوه ضربا ولكن نهض العجوز من مكانه و أمرهم بألا يقترب أحد منه ......أقترب منه العجوز وسأله من أنت ؟
وحل صمت يصم الأذان من فرط هدوءه ....لم يرد الفتى ....أعاد سؤاله ..من أنت؟
رد الفتى لا يهم من أنا ...ما شأنكم من أنا...أنا من أهل القرية .... أنا من سألت أولا لماذا تمنعنا أن نبعث بأحد الرسل الى إحدى القرى المجاورة؟
رد رجل قوي البنية: أنت تعلم أن أقرب القرى إلينا تبعد مئات الأميال ..وتعلم أيضا أن قطاع الطرق منتشرون في الكهوف المحيطه خارج أسوار القرية لذلك بنيناه .....أنتصبت قامة العجوز وعاد إلى مكانه .......
وماذا عن الجزء الغربي ؟
الرجل: ماذا عنه ....إنه مهجور
ظهر الشيخ بعمته المستديره : لاحول ولا قوة إلا بالله ...(ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة ذلك أمر ربي ورسوله الكريم
الفتى :أيأمرنا الله أن نستكين خلف أسوارنا ونملك رقابنا لقطاع طرق ...أنا أخبركم لماذا تركنا ذلك الجزء الغربي (المهجور) كما يدعون لأن يقع به ذلك النهر ويتمركز بجواره قطاع الطرق
الرجل : من قال ذلك
الشيخ : انه ملعون ومن شرب منه لعن إلى يوم الدين
الفتى : هراء
علت شهقه بين الحاضرين ....أشار العجوز بيده للرجل الذي هم بالقيام إليه
العجوز : ماهو الهراء يافتى
الفتى : كل ماتقولون .....أتحسبون أن إختفاء القمر هو النهاية .......إنها البداية
خرج الفتى مسرعا خارج البيت..................أشار العجوز الى الرجل قوى البنيه بأن يتبعه ...مال الرجل على أذن العجوز ... ولكن العجوز أومأ برأسه رافضا ...وخرج الرجل في إثره
2
دخل الفتى مسرعا الى بيته ......نهضت الأم مسرعه من الفراش
الأم : أين كنت ؟
الفتى : كنت في بيت العجوز ..
الأم : مرة أخرى .....ألن تكف عن ذلك ...ألم تقل لك ألاف المرات ألا تذهب الى هناك
الفتى : لماذا
الأم : لأنك توقع نفسك في مشاكل ....فقد حفظك الله المرة الماضية عندما أشعت بين الناس أن يذهبوا ليحاربوا قطاع الطرق
الفتى : لم ينجحوا لأن ذلك العجوز الخرف منعهم هو وذلك الشيخ المنافق
الأم :شششششش أصمت فرجال العجوز منتشرون في كل مكان
الفتى :لا يهمنى هو ولا رجاله
جذبت الأم أبنها وأجلسته وقالت له فيما يشبه الهمس : ألم أقل لك يابني أننا ضعفاء ولانتحمل بطشهم وظلهم ..ألا تتذكر النجار و أسرته وكيف بطشوا بهم وطردوهم خارج الأسوار ...وبعد يومين وجدوا حمار النجار واقفا بجوار أبواب السور ملطخا بالدماء
الفتى : وأنا لا أتحمل ذلك الظلم وأنا أراه أمام عيني ...لا أتحمل أنا نسلم رقابنا للعجوز ورجاله ..لا أحتمل أنا أرى رجال القرية مغلوبين على أمرهم ومكبلين بتلك الخرافات والأساطير التي تزيدهم خوفا ورعبا
الأم : أي أساطير
الفتى : قطاع الطرق والنهر والجانب الغربي
الأم : يابني بالله عليك ...لا تقحم نفسك في أمور لست قادرا عليها .
3
وفي بيت العجوزاجتمع نفرا من رجاله والشيخ ..دخل الرجل الذي بعثه العجوز ..نظروا إليه جميعا ..هرول الرجل إلى يد العجوز وقبلها ..هه ماذا وجدت ؟
الرجل :إنه إبن الصياد الذي يسكن في الكوخ بجوار البئر المهجور ...
العجوز :كما توقعت..فقد علمت أن ذلك اللسان ورثه عن أبيه المشاغب ولكن ماالعمل
فذلك الفتى لن يكف عن النبش والتدخل فيما لايعنيه.
الرجل: نقتله كأبيه.
العجوز: غبي..غبي..كيف نقتله وماذا نقول لأهل القرية ....هه؟
الرجل :قطاع الطرق..!
العجوز :وكيف دخلوا ؟
الرجل :من الجانب الغربي...
العجوز :مرة أخرى غبي...سينعير الجانب الغربي إهتماما ...وسيشيدوا سورا في تلك المنطقة ..إذا علموا أن الجانب الغربي يهددهم.
4
وجاء يوم جديد ..ولم يتغيرشئ فتلك القرية لاتتغير منذ حوادث النهر الغربي المتعددة والتي أدت الى أن هجر أهل القرية النهر ...كما أمرهم العجوز ..أصبحت كل أمور القرية في يد العجوز ...فالتجارة بين أيدي رجال العجوز يتحكمون بأسعارها كما يريدون ..والبئر التي حفرت في وسط القرية ..يتحكم رجاله بها أيضا وبالتالي يتحكم بكل الزراعة ويفرض على أهل القرية مقابلا للماء الذي يمدهم إياه ....يرجعون إليه في كل أمورهم .....هرول الفتى خارجا من بيته إلى مكانا يقصده كل يوم ..بعيدا عن أنظار الجميع حتى العجوز ..ورجاله ..بعيدا في أحد الأكواخ القريبة من النهر ..ويعود بعدها الى سوق القرية ليساعد أمه قليلا ..وعندما تسأله أمه أين كنت ..يخبرها بأنه كان يلعب مع أصدقائه ..فتنظر إليه في ريبة ..فيتحاشى هو تلك النظرات...
أقترب فجأة من السوق رجال العجوز وأقتربوا من الأم وفتاه ...نهض الفتى : ماذا تريدون
الرجل قوي البنية :أصمت أنت لاتتدخل...هيا ياأمرأة...بعيد من هنا فأنت لا تحملين إذنا من العجوز بالبيع والشراء
أجابت الأم : أي رخصة ...فنحن نبيع هنا منذ زمن
أندفع أحدهم وقام ببعثرة الليمون والبرتقال في أرض السوق وصرخت الأم حاولت منعه ولكن لطمها الرجل لطمة قوية سقطت على إثرها على الأرض وجرها في الأرض وأمسك أحدهم بالفتى .......والناس من حولهم يتفرجون ..يراقبون من بعيد ...هكذا هم أهل القرية لا يتدخلون في شئ ..إلا بأمر العجوز فكل مايفعله العجوز ورجاله صواب ...فهو لا يخطأ أبدا....انفرطت حبات الليمون والبرتقال في أرض السوق وهدم ذلك الكوخ الصغير الذي يأويهم من حرارة النهار وبرد الليل ...جلست الأم بجوار كوخهم المهدم تبكي ...أقترب الفتى وفي يديه بعض حبات الليمون والبرتقال ...تلك الحبات هي مابقت من كل شئ ...ألم أقل لك يابني انهم قوم ظالمين ..لا يخشون الله أبدا
هوني عليك ياأماه
وماذا سنفعل الأن فكل أهل القرية يعجزون عن مساعدتنا خوفا من بطش العجوز
لا عليك ياأماه إن فرج الله لقريب..فكر الفتى قليلا وقال لأمه سنذهب لمن لن يخشى بطش العجوز ...
من؟
تعالي معي فقط ولا تخافي
لا قلي من ؟
ألا تثقين في ولدك...؟
وتبعته الأم وسلك الفتى ذاك الطريق نحو ذلك الكوخ البعيد قرب النهر المهجور....
من يسكن هنا قرب ذلك النهر المسكون .....كل ماتسمعينه عن ذلك النهر هراء
أقتربا من باب الكوخ وطرقه الفتى ..أجابه صوت خافت من خلف الباب ..من ؟
أجابه الفتى ...فتح الباب ..وظهر من خلفه شبحا يحمل شمعة ويحمل وجها شاحبا....
نظرت الأم مليا ......من الشيخ ؟؟
.........................
5
ألم يحن أيها الشيخ أن تظهر على هؤلاء القوم الضالون وترشدهم إلى الصواب ..وتخلصهم من ذلك العبث..وتدافع عن نفسك ضد الإتهامات والزيف الذي قيل عنك..ألم يحن أن نتخلص من ذلك الخوف والترهيب والخرافات
وحدي لن أستطيع
وأنا معك
...كانت الشمس تلفح الوجوه والأبدان وفجأة ظهر الفتى في وسط السوق ...أجتمع الناس حوله مندهشين فقد شاع بينهم الليلة الماضية أنهم حاولوا الهروب وغرقوا في النهر الملعون..
قاطعهم الفتى أتعلمون أين القمر..أنسيتموه كما نسيتم النجاروعائلته ..وأيضا أبي ..وأيضا الشيخ الصالح
نظر إليه أهل القرية في دهشة ..أتقصد الشيخ الطالح ...
الطالح ..أصدقتم تلك المرآة التي صرخت في وسط السوق وأخبرتكم بأن ذلك الطفل هو إبن الشيخ الصالح...لا هذا زيف.وإفتراء
لقد أكد لنا العجوز ذلك ...وقام العجوز بعدها برعاية الطفل وأمه ...وهما الأن في بيت العجوز
ظهر الشيخ الصالح فجأة بين أهل القرية ...هذا زيف فأنتم تصدقون كل مايقوله العجوز ..تلك المرآة التي أفترت علي وأتهمتني بالزور ...أذهبوا وشاهدوها في أحد الأكواخ ..تشكو ضعف حالها وفقرها بعد أن مات طفله من الجوع بعد أن طردها العجوزبعد سنين طويلة بعد أن ظن أنني لن أظهر ثانية .....هكذا دائما العجوز يتخلص من أعداءة بالتلفيق
وتشريع قوانين على هواه كما شرع قانونا ليطرد زوجة الصياد من القرية ..إذهبوا إلى الجانب الغربي ستكتشفون أنه ليس ملعونا ولكنه أطلق عليه ذلك ليحمي قطاع
الطرق....وستجدون أن قطاع الطرق الذين يقيمون عند ضفة النهر في الناحية الأخرى ..وهم أنفسهم رجال العجوز ...وأنه يستعين بهم في التخلص من أعداءة كما تخلص من الصياد والنجار لأنهم عارضوه..
كان يحتاج أهل القرية وقتا ..ليبرهن لهم الشيخ الصالح عن زيف كل ما يعيشون فيه... والخرافات التي إختلقها العجوز وأحاط بها نفسه ليحمي نفسه..
وساعده كثيرا ثقتهم فيه والتي كان يتمتع بها كثيرا قبل الإتهام الكاذب ....أكتشفوا أيضا أشياء كثيرة سقطت وأختفت بجوار سقوط القمر....ربما كانت كرامتهم وحريتهم