Monday, January 24, 2011

أنظمة

في السادس من إبريل من عام 2008 قام عمال المحلة بإضراب عن العمل , وعلى إثر ذلك دعت حركات المعارضة المصرية إلى مظاهرات للمطالبة بحقوق طبيعية وعادية جداً للمواطن المصري , وحدث الإضراب وأستمر عدة أيام , وأنقلبت المدينة رأساً على عقب بل عمت المظاهرات بر مصر وتركت صدى في العالم كله , سقطت صور الرئيس في شوارع المدينة المدججة بعربات الأمن وهتفت الجموع ضد النظام , وكالعادة كان القمع هو الرد , كان ذلك الحل الوحيد والمتاح هو القمع والضرب بيد من حديد لإسكات أي أصوات معارضة ومحتجه حتى لو كان الثمن هو الدماء , اليوم وحتى اليوم لم تتحقق أي من مطالب المواطن البسيط .
لسنا هنا بصدد عرض تلك المطالب فالمطالب معروفة للجميع وأحوال المواطن المتردية ترى بالعين المجردة كشمس في كبد السماء تلفح الأفئدة العارية التي لاتجد كساءاً .
في التاسع عشر من ديسمبر من عام 2011 أشعلت محاولة شاب في مدينة سيدي بوزيد التونسية مظاهرات ومصادمات بين الشرطة ومعترضين , وكالعادة كان القمع وكانت نفس اليد التي تضرب بيد من حديد في تونس وكان العنف هو السائد , وكما سقط مصابين وقتلى في المحلة سقط مثلهم في المدينة التونسية , وعمت المظاهرات أيضاً في عموم بر تونس بسبب نفس المطالب إياها , فكلا هما يعاني الفقر والبطالة وإرتفاع الأسعار وفوق كل ذلك الظلم والتعنت من قبل الآمن , عمت الاحتجاجات في العديد من المدن التونسية من القيروان وصفاقس وسوسة حتى وصلت إلى تونس العاصمة والمنستير وقفصة , تطورت الإحتجاجات العنيفة لتجبر زين الدين بن علي على إقالة العديد من المسئولين ومنهم وزير الداخلية , وهنا نرى تذبذباً وتوتراً في الإمساك بزمام الإمور وإدارة ذلك المأزق الذي وضع في النظام , أعتقد أن ذلك التذبذب والتوتر الذي ظهر جلياً هو الذي شجع المحتجون على التمادي في احتجاجهم وامتد احتجاجهم على الفساد والمطالبة بالعدالة الإجتماعية إلى المطالبة بإقصاء الرئيس من الحكم .
يُقال أن الرئيس التونسي السابق كان قد أمر  الجنرال رشيد عمار بمساندته واالتصدي للإحتجاجات التي قاربت الوصول إلى رقبته ولكن الجنرال رشيد قائد الجيش التونسي رفض أن يقتل ويسفك دم شعبه , ويقال أن الرئيس السابق أقال رشيد عمار ةعيّن بدلاً من  رئيس الإستخبارات العسكرية , ولكن بالتأكيد كانت الجماهير أسرع و هرب بن علي تاركاً الجيش التونسي وقائده رشيد يحاول إعادة الإستقرار .
في الثاني من فبراير من عام 1982 ضربت وحدات من الجيش السوري بأمر الرئيس حافظ الأسد مدينة حماة السورية وسقط الآلاف من المدنيين واستأصلت شأفة المعارضة السورية بالسفك والقتل والقمع وساهمت تلك الحملة الدامية في إسكات المعارضة وإخراسها لإعوام , فبدلاً من تحرير الجولان استخدم النظام السوري القوة المفرطة للتنكيل بالمعارضة بل وكافأت المسئولين وكان على رأسهم رفعت الأسد شقيق الرئيس الذي عُين فيما بعد نائباً له , بالتأكيد لم يكن وقتها هناك فيس بوك أو وعياً عالمياً يتوجه نحو كل ثقب إبره في جنبات المعمورة , فلو قتل أحدهم على يد شرطة فوق أعالي الهيماليا  الأن سيعلم العالم كله وسيهاجم نشطاء العالم ذلك .

المحلة الكبرى وسيدي بوزيد وحماة , مدن عربية مختلفة في وطننا السعيد , أختلفت الأماكن والأزمان وكان المواطن المقموع و جنرالات الأنظمة المستبدة هي الجانب المشترك , تشابهت كثيراً درجة القمع ولو أختلفت درجتها من مدينة إلى أخرى , في تونس كانت درجة القمع شديدة ولكن كانت الأصوات أعلى وأقوى لتقصي زين العابدين ( رئيساً منذ 1987) ومازالت تنادي بحل حزبه وسيحل , أما في مصر كان القمع شديداً ومازال ولكن النظام كشجرة ليس طيبة ضاربة بجذورها في هذا الوطن ( منذ 1981) ربما كانت المعارضة لم تمتلك نفساً طويلاً كمثيلتها في تونس ولكن أيضاً الرئيس يستند على رجاله المخلصين وزيرا الداخلية(1997) والحربية(1991)  لحمايته . وفي سوريا لم يختلف إستبداد النظام السوري عن أشقائه في الظلم وساهم الجيش السوري كثيراً في قتل شعبه والتنكيل به ونجح حافظ الأسد فيما لم ينجح فيه بن علي في إستمالة جيشه ودعمه له ضد شعبه , بل سجل الجيش التونسي دوراً بطولياً في حماية جيشه مع العلم أن هذا الجيش حديث نسبياً وقليل ولا يقاس جيشاً قوياً بجوار جيوش أخرى في المنطقة العربية ولكنه أثبت أنه أقوى جيوش العرب و أثبت الشعب التونسي أنه شعب عزيز بكرامته ومطالبته بحقوقة ,
للأسف ظن الكثير أن التجربة التونسية يمكن أن تقص وتلزق في أي قطر عربي آخر ( Copy &Paste) ولكن كل وطن وله ظروفه ويختلف النظام من دوله لإخرى برغم أنها أنظمه أساليبها واحده ولكن كل نظام وله درجة عمق في أرض الوطن فهو كمرض السرطان أستشرى في الكثير من الأجساد , ولكن درجة المرض مختلفة من جسد لأخر, متى يدركون أنه آن الوقت ليعيدوا حساباتهم, وأن العالم إختلف عن ذي قبل عندما جلسوا على عروشهم التي باتت مهتزة ؟

Thursday, January 13, 2011

صياد


ثبت كعب البندقيه في تجويف كتفك الأيمن , نعم هكذا ,ثبته جيداً , أحتضنها كما لو كنت تراقص إحداهن التانجو , ألمس بخدك الأيمن جسدها البارد , دعها تأخذ من الدفأ الذي يسري في جسدك ,أحتض براحة يدك اليمنى الحلقة , ودع إبهامك يتسلل في حنو إلى التتك , أما يدك اليسرى فتوّق بها مؤخرة الماسورة , ضمها بعنف إلى صدرك , دعها لا تفلت منك , كأنها جزء من جسدك, فإن خفتها أستنقصتك , دعها تشعر برباطة جأشك, إغلق عينك اليسرى , وخذ نفساً عميقاً حتى تشعر أن صدرك أمتلئ هواءاً,حدد هدفك جيداً ساكناً كان أو متحركاً , خذ نفساً أخر إذا أردت ولكن ,لا تشعرها بتوترك حتى  لا تهتز بين يديك ,هل أنت جاهز الأن ؟ أسفل منتصف هدفك وأسحب التتك ببطأ وأجذب جسدها إليك ودع الطلقة تشق الفراغ
جيد جداً أصبت الهدف , ينطلقا إلى الهدف الساقط من السماء , الذي يبعد بضع أمتار
أنت الأن أصبحت جاهزاً لتصبح صياداً ماهراً , فقط إتبع إرشاداتي وستصبح محترفاً , بل أنت الأن محترفاً  
أتخذا طريقهما بين الحقول الشاسعة, فيما يتحدثان 
أخيراً أتقنت الصيد وسأصبح مثلك 
بالتأكيد وأفضل مني ,ألا يتفوق التلميذ على الأستاذ أحياناً
لا , أبداً يا أستاذي
يصلان أخيراً إلى الهدف الساقط على الأرض, مجرد حُلم أخر ساقط من السماء, ينظر إليه بفرحة عارمة ويرفعه من الأرض ويضمه إلى صدره كما لو كان أول مولود له 
يندهش معلمه, ماذا تفعل ؟ أنه ميت 
أعلم أنه حُلم ميت , ولكنه ثمرة جهدي طوال الفترة الماضية 
أستحوذت عليه تلك الهواية , هواية الصيد , صيد الإحلام ,يشعر بسعادة بالغة وهو يقنص الأحلام ويحيلها صريعة بطلقة تنفذ إلى قلبها ,يراها تطير فرادى أو في جماعات , يشعر بذاته بقوته وقدرتي على إنهاء حياة كائن ما , حتى لو كان حُلماً يطير ولا يؤذي
ربما تندهشون وتعتقدون أنه مريضاً نفسياً , ولكن يرى إنه مجرد حُلم تافه ليس له وزن في هذا الكون , والله أعطاه تلك المهارة على إقتناصها , إذن فلا ضير من ذلك 
كانت كل رحلة صيد تضيف إليه الكثير , ربما لاتضيف إليه الكثير مادياً, ولكنه يصبح كبالون منتفخ , يرتفع في سماء بلاحدود
هناك أحلام قيّمة وثمينة , كان يحنطها ويضعها كقطعة ديكور في منزله الذي إمتلئ بفرائسه الجاثمة هنا وهناك لتشهد على قسوته  
وهناك أخرى كان يُطعمها لكلابه الجائعة , لا يهمه إذا كانت أحلاماً مُحنطه أو أحلاماً تأكلها الكلاب المهم أنه يُغذي مهارته 
يعود بحقيبته المملوءة أحلام ,ويأخذ في إستعراض أشكالها وأحجامها وألوانها المتعددة, ولكن هل يعلم أنه بإصطياده الأحلام يحيل أصحابها أيضاً إلى أموات , يموتون بموت أحلامهم 
يوم أمس أصطاد حُلماً لفتى في العشرين كان يحلم بأن يتزوج فتاته , سقط الفتى صريعاً, وأصبح جسداً فارغاً بلا حُلم , ينبض قلبه ولكن بلا روح  بلا حُلم يحلق , يعيش كشبح أو طيف يتخبط في الظلمات , ويبقى هكذا حتى تخبو شعلة قلبه بالتدريج
الجو صحو والنسمات تلاعب الغصون والسماء صافية والأحلام ترفرف في السماء, إنه الطقس المثالي للصيد, جهز بندقيته وحقيبته وأصطحب كلباً وأنطلق بين الأحراش ,يبحث عن حُلم يزقزق هنا يرفرف هناك, يضرب بأجنحته الهواء ويحلق بعيداً,
هناك عند بركة الماء ,يرى سرباً من الأحلام , يتجه إلى هناك ويرفع رفيقته إلى كتفه ,يعمرها و يثبتها جيداً , ويغلق عينه اليسرى وينتقى حلماً , أحدهم يقف هناك على غصن يوشك طرفه على إحتضان صفحة البركة الساكنه , يقترب ببطأ ويحاول أن يتفادى الأوراق الجافة والأعواد المتناثرة على الأرض حتى لا يحدث جلبة تنبه الحُلم من مصرعه الوشيك , يتخذ من أعواد الأحراش ستراً له ويُمد فوهته  بين الأعواد , يأخذ نفساً عميقاً  ويوجهها إلى الحُلم ويضغط على التتك فتنطلق الرصاصة نحو الهدف مباشرة
يشعر بغصة , وتزداد نبضات قلبه , يسحب نفساً بصعوبة , يضع بندقيته على الأرض ويحاول رفع قدميه بصعوبة بين الأعواد الرفيعه  ويشق طريقه نحو الحُلم الذي يطفو فوق صفحة الماء , يدنو منه وقد فقد الشعور , فقد شيئاً ما , لا يعرف له وصفاً 
أصبح خاوياً , يرفع بيديه المرتعشتين الحُلم المألوف بالنسبه له , لايشعر بتلك الفرحة العارمة ولا بنفس الشعور الذي يصاحبه كلما أوقع بحُلم جديد
بل يشعر بكآبة ووجوم سرت في جسده كما لو كانت أنتزعت منه روحه , بل ...بل أنتزع حُلمه

Friday, January 07, 2011

مِصرُ عَسكري آمَن مَركَزي


 تسللت أشعة الشمس في هدوء شديد لتصنع ظلالاً مرتعشة أمامهم , كأن الشمس ترفق بهم لتنسحب من فوق رؤوسهم وجباههم العارية  ,لا يتذكر بالضبط كم من الوقت وهو على هذا الوضع , قدماه وكأنهما مسماران قد دقا في الأرض , أصبح لا يشعر بهم من كثرة الألم , يحاول أن يستغل غفلة  " الصف " ليتكأ على قدمه اليمنى ومن ثم يتكئ قليلاً على اليسرى عله يُسكن الألم , يدور "الصف" كثعبان يحمل خرطوماً غليظاً ينهمر على قدم كل من يتحرك , ينظر إلى قبعته الملقاه والممرغة في التراب , يتمنى فقط أن يضعها فوق رأسه  علّها تمتص بعض العرق المنهمر الذي بلل ملابسه الداخليه  , يشعر بحبات العرق التي تسيل في تشققات جسده الممصوص وهي تشق طريقها  خلال ظهره , أردافه وقدميه إلى أسفل , يشعر بأنفاسه المتقطعة والتي تحمل حرارة تخيل أنها يمكن أن تشوي عليها "كوز ذرة "
" ثـــــــــــــــــــابت منك ليه "
أنا هاخلي الراجل فيكم يجيب ميه من كل حته في جسمه "
" الكل واقــــف إنتباه من حديد ...إيديك لزقه في جسمك الشمس ماتعديش بينهم "

يحاول أن يقاوم أجفانه التي تنهار, وكأن صداعاً بدأ في ثقب رأسه بالتدريج , وفجأة يفتح جفنيه على صوت إرتطام وإذا بمن أمامه قد سقط مغشياً عليه منكباً على وجهه ,بين ذرات الأتربة التي تصاعدت جراء إرتطام الجسد  , أثار ملح العرق الذي ترك بقعاً بيضاء يظهر جلياً تحت إبطيه وبين أفخاذه وكأنها غمامات في زي حالك السواد ,لم يتحرك عضو ولم ينطق لسان وكأن شيئاً لم يكن , ظل الصريع ملقاً على الأرض حتى أنتهى
 " الطابور الزيادة "

يرى دائماً العالم من خلف قضبان عربة وحتى عندما تفتح الأبوب يكون أسيراً لزيه الأسوّد الحالك , يرى الناس ويرونه , يبحث بين الوجوه على ملامح مألوفة في حين أن زملاؤه يحاولون إختزان  صور أنثوية يسترجعونها في نومهم القصير , أحياناً يرمقه الناس بنظرات شفقه يفهمها ولا يحبها أبداً , وأحياناً يرمقه آخرون بنظرات ازدراء  لا يفهما أبداً ولا يحبها , يرى أنه رجل و زملاؤه يرون أنه غبي , لو كان أحد زملاؤه لاستغل الفرصة ونجا بجلده من هذا الشقاء , ما لضير من غسيل بعض الأطباق والأكواب وصنع الشاي والقهوة وتقديم بعض الوجبات إذا لزم الأمر وتلميع الأحذية لو أراد وغسيل بعض الملابس إذا كان ضرورياً .
كانت الإجابة " لا "  قاطعة عندما مال "الصف" على أذنه هامساً في أذنه أن "الباشا " يريده معه في المكتب.
ماذا سيخبر أبيه عندما يعود ويسأله عن عمله في المعسكر "بّغسل صحون " ,لم يكن مقتنعاً أن خدمة الوطن يمكن أن تكون "غسيل صحون " في حين أن الكثير كان مقتنعاً بذلك.
دائما ما تكون العودة إلى المعسكر كئيبة حتى لو كان عائداً من فض شغب أو مظاهرة عنيفة , المعسكر حيث كل شئ بــ"صفارة "  الأكل بصفارة والاستيقاظ بصفارة والنوم بصفارة والطابور بصفارة ...العديد من الطوابير والقليل من النوم , يتأهب أن يندس في الفراش لينال قسطاً من الراحة القصيرة بعد يوم شاق وطويل وممل ليستقبل يوماً لم تشرق شمسه بعد لا يختلف عن ما قبله , ما أن يضع رأسه على الوسادة تعلو أصواتاً  مرغم على التكيف معها واعتبارها غير موجودة بالمرة , يحاول الخروج بتفكيره بعيداً عن العنبر عن المعسكر عن المدينة القاسية ,هناك حيث قريته , كان العمل في " الفاعل " أهون عليه , كان المقاول  المستغل أهون عليه مع أن الطوب و"شكائر " الأسمنت كانت أثقل من الدرع والهراوة ولكنه ..... صوت صراخ يعيده ويهب فجاءه ويستيقظ الجميع على زميل لهم يتشنج ويهذي على الأرض , يحاولون الإمساك به , ينصحهم أحدهم بسرعه ليضعوا قطعة قماش في فمه حتى لا يبتلع لسانه , يرتفع الصراخ أكثر ويفشلوا في وضع قطعة القماش كانت عيناه جاحظتان وجسده أصبح متيبساً واللعاب يسيل بغزارة من فمه وأخذ يردد عبارات بصوت عالي
" تمام يـــــافندم "
" تمام يـــــافندم "
" تمام يـــــافندم "
مازالت صورة زميله المصاب بالصرع لم تغادر تفكيره بالرغم من مرور أسبوع كامل على ما حدث ويبدو أيضاً أن الأحداث أصبحت أكثر سخونة أم أن أحدهم أصبح يدفعه إلى كل تلك البؤر العنيفة , كل يوم وحين يريح رأسه طالباً بعض الراحة كان يحمد الله أنه لم يعد جريحاً أو مصاباً أو ميتاً إذا شاء القدر , لم تعد القرية تأتيه في أحلامه ولم تعد نظرات الشفقة التي كان لا يحبها يجدها بل أصبحت نظرات الازدراء تطارده , وأصبح يشعر بالكآبة والضيق كلما ترك المعسكر إلى الشارع ليواجه أعمال عنف أو يفض مظاهرة أو إحدى مباريات كرة القدم الجماهيرية , أصبح عنده المعسكر والشارع سواء بل الشارع أصبح أسوء , ولم يعد يفارقه وجه زميله المصاب بالصرع , أصبح يبتعد عن الصفوف الأولى التي تكون في المواجهة حتى فطنوا إلى ذلك فاخذوا يدفعوا به إلى المقدمة وأصبح مضطراً أن يرفع هراوته ليهوي بها على شخص لا يعرفه  , إذا لم تضرب ستُضرب بقسوة وبعنف , ينظر إلى عيونهم ويوأد الأمل , الآن يعرف لماذا نظرة الازدراء , كانت وجوههم تطارده في نومه مع وجه زميله , كانت عيناه تدمع عندما ترفع العصيّ وتبدأ حلقة جديدة ,كان يتمنى طوابير الذنب والثبات في ظهيرة شهر يوليو عن فض مظاهرة والنظر في عيون هؤلاء المتظاهرين ,
إذا سأله أبيه " بّغسل صحون " ذلك بالتأكيد أهون , لم يكن يفهم لماذا لا يخاف هؤلاء ولا يعبأون بالضرب والسحل ,لم يفهم لماذا ما يزال الأمل ينبعث من عيونهم  , الأوامر دائماً أوامر غير قابله لأي شئ غير التنفيذ , كانت الأوامر صريحة وهي منع المحتجين من التقدم بكافة الوسائل ,لا تبدؤوا في الهجوم , بدأ المحتجين في دفعهم إلى الخلف وتطور الدفع إلى ضرب وركل ........وارتفعت العصيّ والهراوات , وما رفع هراوته هو الآخر ألتفت إلى زملاء له يشرعون في رفع العصيّ على مجموعة من الفتيات والسيدات , هرول سريعاً وألقى بنفسه ليحيل بينهم وانهالت الضربات عليه من كل جانب وهو يصيح "حريم لاااااااء "

ياماااااااااااااااه ......إنت فيييييييييين
ياماااااااااااه  زهقت من الجبنه النستون نفسي في الجبنه اللي بتعمليها بإيديكي
انتي فين يامه...إنتي فين
الناس كلها بتكهرني
مش عارف ليه
مسلمين ومسيحيين بيضربوني ...أسكت ولا أعمل إيه
بضربهم أعمل ايه
ناس بتقول "بالروح بالدم نفديك ياإسلام"
وناس بتقول " بالروح بالدم نفديك ياصليب"
وتلاميذ الجامعة والمدارس والعمال
وبتوع فلسطين واللي بيقولوا " كفاية"
و
 حتى اللي بيشجعوا كورة
هو كده عاد في وطن نخدمه

منذ تلك اللحظة وهو يهذي في تلك الغرفة في إحدى المستشفيات, يتمنى أن يعود إلى قريته التي نساها ليجد أمه وهي تجلس أمام الفرن البلدي تشمر عن يديها المغطاة بالدقيق وهي تعجن العجين لتصنع الخبز الذي يحبه ليأكل بها جبناً .
--------------------------
الصورة فقط من مدونة   يالالاللي

Saturday, January 01, 2011

أنـــــــــــــــــا ؟


أنـــــــــــــــــا  ؟
كل إنـســـان يُولد على الكرة الأرضية يُولد معه إسمه , كتقليد متعارف عليه بين البشر ,يطلقون على مواليدهم أسماءاً ربما لا تعبر عنهم أو لا تصفهم ولكنها من أجل الهوية , العجيب في الآمر أننا لا نختار أسماءنا , ربما نختار أشياء أخرى , حتى لا أطيل عليكم أقدم تلك الكلمات موقناً أنها مهمة للتعريف بي لزائري مدونتي وقارئي كلماتي , فهذا أقل تقدير أن يعرفوا لمن يقرؤون 

أطلقوا عليّ   مـــحمـد , ولدت في أكتوبر في أواخر الثمانينات (87 )..  في مدينة ساحلية جميلة تسمى جدة أنتقلت منها بعد أربعة عشر عاماً إلى مصر ... أعمل الآن في مجال التدريس , تدريس اللغة الإنجليزية, وأدرس الترجمة , أعشق اللغة الإنجليزية وأعشق العربية أكثر منها لأنها تعبر عن هويتي , أحب القراءة كثيراً والكتابة أكثر , أقرأ كل شئ وعن أي شئ , أكثر المجالات التي أميل لها في القراءة ( السياسة - التاريخ - الأدب  الرواية - الشعر - الموارد البشرية و بناء الذات - آدب الرحلات ), أحب أن أكن فعالاً في مجتمعي لذا أهتم كثيراً بالعمل التطوعي وأحاول بين الوقت والآخر أن أشارك في بعض نشاطات صناع الحياة   ....أدمنت الإنترنت والكومبيوتر وأدمنت الكاميرا كثيراً , لي هوايات اخرى على استحياء كالرسم وجمع الطوابع .....أصمت كثيراً وأتحدث قليلاً ...فانا كائن صامت , أفكر كثيراً زيادة عن اللزوم في بعض الأحيان حيث يكون التفكير ...مرهقاً.

أنا مسلم , عربي , مصري وأفتخر بثلاثتهم بنفس القدر وأحاول أن أستحقهم هم الثلاثة أيضاً .....
انا مختلف ... هكذا قالوا أو ظنوا 
أنا غريب ... هكذا أيضاً ظنواً
متناقض , متردد , هادئ , متفسلسف .... لا أعجب الكثير

إنســـــان فـــي عتمـــة نــــــور
أدون تقريباً منذ عام 2006 ومنذ البداية وأنا أطلق عليها إنسان , ربما أختلف هذا الإنسان منذ 2006 ولكنه ظل إنسان وها هو إنسان ...في عتمة نور , وأنا في النهاية إنسان بكل ما أحويه من مشاعر متناقضة , ولا أتعامل مع أي أحد إلا من هذا المنطلق ...أنه إنسان , وبرغم التقدم المذهل الذي يعيشه الإنسان ويظهر أروع ما لديه من إبداعات ولكنه على التوازي يظهر ما لديه من قسوة وغباء وعته ........ لذا فهو إنسان في العتمة برغم النور في كل مكان .
مدونتي هي جزء مني ... تعبر عني ولا أتخيل حياتي بدونها أبداً,  لذا أهتم كثيرا بكل كلمة أضعها بين ثناياها , وربما تجدوني قليل في الكتابة ولكني أهتم كثيراً بكاتبة ما تستحقونه.
وشوشة في القلب أو Light Whispering  إقرأها كيفما تحب .....هي الجانب الآخر الهادئ   الداخلي   العميق  

تابعوني هنا أيضا 
Facebook
Twitter