Wednesday, April 23, 2008

حُبَ الوَطن لا يُعلَم في حصص التربية الوطنية

أحمد أو محمد أو جورج ...أياً كان أسمه ...لكنه شاب مصري , طالب لايهم إذا كان يدرس الطب أو الهندسه أو حتى حقوق ولايهم أيضاً إذا كان في سنته الأولى أو حتى الأخيره ....ولايهم أيضاً إذا كان يستفيد فعلاً من دراسته في إحدى الجامعات المصريه التي تنافس جامعات أوكسفورد وكامبريدج في مستوايتها العلميه الرفيعه ...لايهم أيضاً أنه عندما ينتهي من دراسته ...لن يكون قادراً على تطبيق مادرسه ...أوحتى يستطيع أن يجد عملاً ...وحتى إن وجد عملاً لن يكفيه مرتبه ليستطيع بدء حياة جيده لشاب في العشرينيات
لايهم هذا مطلقاً ....فقط مايهم هوآمن الوطن ...فالوطن فوق الجميع الوطن يبقى والجميع يغور في ستين داهيه ..؟
عندما تمتلأ العربات بطلاب في الجامعات وأطفال و شباب خريج لم يرى من الوطن سوى أنه تركه على الأرصفه والنواصي بعد سنوات طويله من العذاب ...بعد سنوات طويله من التعليم خرج منها جاهلاً ..بعد أن دفع ألاف الجنيهات طوال تلك السنين ليحصل على شهادة ليسانس أو بكلوريوس لتعلق على الحائط
كانوا هم نفس الشباب ونفس الوجوه ونفس المكان ونفس الشارع ...عندما خرجوا مهللين و فرحين ...لم يروا أعلام الوطن بتلك الكثرة إلا في تلك الأيام ...كانت فرحه تعم المكان ..كانوا يجيئون في نفس الشارع جيئة وذهاباً بالإعلام الزاهيه ..كانت البسمات المرتسمه على وجوههم وفي أعينهم ...كانت تدل على أنهم يعشقون تراب هذا الوطن الذي لم يسمعوا عنه إلا في أعياد تحرير سيناء و في حصص التربيه الوطنيه وفي نهاية العام ...يدخل مدرس ويُملي عليهم الإجابات
حب الوطن لايعلم في حصص التربية الوطنيه ولا العسكرية ..حب الوطن في قلب كل أم فقدت ولدها في حرب التحرير ...في كل قلب أم فقدت طفلها في أروقة مستشفيات الأورام ...في كل قلب أب ينظر بحسره إلى أبناءه ممصمصاً شفتيه ...ويقول في نفسه والألم يعتصر قلبه على فلذات كبده ..متى ينجلي الظلم ..متى يطمئن على فلذاته خوفاً من أن يبتلعهم الوطن ظلماً ؟
أتأكل الأم أبنائها ...لا الوطن لا يأكل أبنائه ..فقط الوطن تاه في حقول الظلم ...تاه بين أبنائه الذين يأكلون بعضهم بعضاًد
..................
كانت العربه مكتظه ..تحوي بين طياتها محمد أو أحمد أو جورج ..لايهم ..تحمل في أحشائها شباباً أو أطفالاً دون العاشره ..لايهم..لايهم إذا كانوا قد فقدوا وعيهم جراء الغازات الخانقه ..وباتوا يتساقطون كما يتساقط الرصاص المطاطي على رؤووس المتظاهرين ...لايهم
لايهم إن كانوا يختنقون ....فداءاً للوطن
والله العظيم أنا طالب ...بص شوف البالطو الأبيض أهوه ... ..والله العظيم طالب ..بص شوف كتبي وكشاكيلي في إديه...والله ياباشا ده أنا جاي من الكليه ...ده أنا واقف طول المحاضرات والسكاشن ..أصل المدرج زحمه أجيبلك الجدول..والله ماعملت حاجه
ده انا مالياش في السياسه ولا غيرها ..ده أنا من البيت من الدرس ..ومن الدرس للبيت ..أصل أنا قاعد من المدرسه ..أصلها بطلت خلاص
انا عايز أجيب مجموع عالي علشان أدخل سياسه وإقتصاد...لا لا مش سياسه اللي هي السياسه اللي بتودي المعتقلات
لا أصل أنا عايز أبقى سفير بس أبويا نجار على قد حاله ..نفسي أفرحه وأفرح أمي الشقيانه ..ده لو عرفت ان انا أتمسكت ..يانهار إسود ده ممكن تروح فيها ...أصلها بتروح كل أسبوع حوالي تلات مرات عندها فشل كلوي
وكل يوم مرمطه في التأمين ...؟ دي ممكن تتجنن ..والله العظيم تتجنن
هند ...ياحبيبتي ....بنتي حبيبتي ..ده لسه صغيره والله لسه صغيره ..ده لسه قيلالي بابا من كام يوم ...ده ماكملتش لسه سنتين ..دي لسه بتحبي ...ذنبها إيه ..جالها نوبة ...طب هاروح أجيبها أوديه مستشفى ...دي بتموت ...عندها حساسيه في صدرها ...كنا بنقفل الشبابيك عشان الدخان بتاع القنابل مايدخلش ..أودتها ..ماعرفناش ...نزلت جري أجيب تاكسي ..بجري زي المجنون في الشوارع ..مش لاقي حاجه
كان الضرب على أشده ...بس بنتي ...والله ياباشا ..انا مالياش دعوة ...طيب أنزل بس أجيب بنتي أوديها أي حته ..وخدوني ودوني في ستين داهية
كانت العربة مكتظه ..تحوي بين صفيحها البارد محمد أو أحمد أو جورج لايهم ...أختلفت الأسماء والعناوين والأعمار شيوخاً كانوا أو أطفالاً أو شباباً ..لايهم أنصهروا جميعاً ..حتى باتت ملامحهم واحده ..وجوههم واحده وبدأ المخاض
.....................................................
كان صديقاً سائراً من كام يوم ..في الشارع كاد يبكي عندما رأى سيدة كبيرة في السن تهذي ...هي العراق نقولها هنا ياولاد
كانت وقع الكلمات أقوى من أي رصاص في الأذان
عندما يذهب الشهداء إلى النوم أصحو
وأحرثهم من هواة الرثاء
وأقول لهم
تصبحون على وطن
من سحاب ومن شجر
تصبحون على وطن
Ode to Homeland
Marcel khalifa

Monday, April 14, 2008

رفقاً


ماحدث في الأسبوع الماضي في مدينة المحلة التي كنا بالكاد نسمع عنها في نشرات الأخبار على التلفزيون المصري تلك المدينة الصناعية ...أهلها الذين لم يروا الرصاص المطاطي إلا في نشرات التاسعة على الشاشات ...لم يستنشقوا الغازات المسيلة للدموع أبداً ...ولم يروا دخانها في حياتهم أبداً ...كانت حركة السير وسط المدينة والشوارع الرئيسية متوقفة تماماً ..كانت المدينة ثكنة عسكرية بالفعل ...لا أعلم كيف يتحول أضراب من المفترض أنه سلمي أو حتى مظاهرات بسبب غلاء المعيشة إلى أعمال عنف واسعة النطاق ...الأهالي أنفسهم ليس لهم أي مبرر لإحراق مدرستين يمكن لأبنائهم أن يكونوا من أبنائها , سيارات مهشمه , وحرق للأشجار حتى الأشجار , أحرقوا سيارات , وهاجموا محلات وأحرقوا مدرستين بعد أن نهبوا مافيها من أجهزة كمبيوتر , وتجطيم لآلات الصرف الألي المجاورة للبنوك و كبائن تليفونات وإحراق نقطة شرطة وإسعاف على الطريق , هذا كله لايفعله مواطن أو حتى طالب عادي حتى ولو كان حانقاً وغاضباً من الحكومة والنظام ....يمكن أن يلقوا ببعض الطوب على الأمن والجري ,أما هذا الدمار كله..لا أعتقد أبداً


ذكرتني تلك الأيام بسقوط بغداد ...مع الفارق الكبير ...ماذا يحدث عندما يغيب النظام وتطلق أيدي المجرمين وتعم الفوضى وتنتشر السرقات ... ويحدث مالا يحمد عقباه ...أتمنى أن لايحدث ذلك بتاتاً في أي بقعة من مصر وماذا كان رد الفعل ...؟
إعتقالات عشوائية لكل من ألقت به الأقدار وتواجد في الشارع في ذلك الوقت ...الكثير من الأبرياء لم يكن لهم أي دخل في الموضوع ....,أقتادوهم إلى عربات الشرطة وأنتم أدرى بالمعاملة الرائعة لكل من يمسكه الأمن ...حدث لي نوع من الهلع عندما رأيت بعض مقاطع الفيديو المصورة خلسة لرجال الأمن وهم يقتادوا المقبوض عليهم ...هل هؤلاء مجرمين فعلاً أم أبرياء من الذين سمعنا قصصهم ...طلاب كانوا في طريقهم للمنزل وأقتادوهم إلى العربات ...هكذا يفعل أبناء الوطن الواحد في بعضهم البعض ...؟
.........
ومازالوا وراء القضبان ..الكثير من أبناء هذا الوطن أبرياء...؟
هناك أخرون حزنت لهم كثيراً ...عساكر الآمن المركزي أبناء هذا البلد أيضاً ...ليس لهم ذنب أيضاً ...الكثير من وقع في أرض المعركة ...جاء من بلده ,ترك فأسه وأعطوه درعاً وعصا وقالوا له ...إضرب , إضرب أخيك أو أبيك أو أمك أو حتى أبنك ...لايهم لاشئ يعلو فوق صوت المعركة ...أقصد الرصاص المطاطي أو حتى الحي ...ياجنود مصر رفقاً بأهلكم ..؟
نقدم وردة لكل عسكري أمن مركزي أُصيب أو لم يكن أصيب
أقدم وردة لكل ظابط شرطة
أقدم وردة لكل مسئول كبير في هذا الوطن أو حتى وزير

وأقول لهم رفقاً بهذا الشعب ,رفقاً بهذا الوطن
رفقاً بكبد وكلية المواطن المطحون
رفقاً بأطفال حرموا من كل شئ إلا الظلم والجوع والجهل
رفقاً بذلك المواطن الذي يجاهد في طوابير الخبز والمواصلات