Wednesday, December 31, 2008

هذا ما أخشاه, أن نعتاد

كأنه كُتب علينا القهر , كأننا نُولد ومربوط بأعناقنا الذلُ, نموت ونولد وتأتي أجيال وتذهب أجيال ونحن نُحاصر ونُقتل ونغتصب بأيدينا ,لابأيدي غيرنا ,فلتذهب إتفاقيات العته والخبل إلى الجحيم , أي إتفاقيات ونحن نرى أنفسنا نذبح أمام الشاشات , أي إتفاقيات تحترم , ولماذا نحن فقط من نحترم الإتفاقيات ؟
ياأهل العزة والشموخ إثبتوا ...يا أهل الرباط ياأخر ثغور النخوة والمقاومة ..نساءكم هم أكثر رجولة منا....أيقولون أنكم محاصرون , لاوالله بل نحن المحاصرون ,أيقولون أنكم مغلوبون على أمركم ..بل نحن المغلبون , أطفالكم يفطمون على أزيز الطائرات الأمريكية الصنع ..كما هي أنظمتنا أمريكية الصنع والهوى ...أطفالكم يُفطمون على أصوات الرصاص وأهوال الزحف ,غنائكم فقط في أعراس الشهداء الزاحفون إلى الحياة
أترى ماشعور أيدي حكامنا ومسؤلينا عند مصافحة أيدي الصهاينة التي تقطر دماء حارة وساخنة أراقت تواً في مذبحة ...أترى ماشعور أيديهم ..أم أنها متفهمة تماماً لنوايهم ومساعيهم الدبلوماسية البريئة ,أترى ماشعورها وهم يتدربون يومياً على صد الأذى عن أولياءهم من جراء قذف بنعال شعوب أستشاطت غيظاً
----------
أغشى أن نعتاد تلك المشاهد الدامية على الشاشات ..أغشى أن لاتؤثر ..في البداية تبكينا ,ومع الوقت نعتادها كما نعتاد الوجبات الثلاثة وكما نعتاد دخول الحمام , كمانعتاد التسوق وإنتقاء المزهريات الملونة وشراء الجرائد والصحف الحكومية و تبادل القبل والكلمات الحارة بين الأزواج والعشاق و تبادل الهدايا في أعياد الكريسماس والقديس فالنتين وضرب أبنائنا لعدم إنجازهم الفروض المدرسية ودروس الثانوية العامة وحوادث التحرش..نعتادها كما نعتاد مشاهدة المسلسلات ونشرة التاسعة وأحداث 24 ساعة وخطاب الرئيس في عيد العمال والأغاني الوطنية في أعياد التحرير الوهمية وأفلام أبوجهل واللات والعزى ...نعتادها كما نعتاد مؤتمرات الجامعة العربية بين أصحاب السمو وخدام آبار النفط وشيوخ المصاطب والحارات ومؤتمرات الأحزاب الحاكمة , نعتادها كما أعتدنا رؤية الفقراء وكوارثهم ومبرراتها البلهاء التي تودي بأرواحهم بالمئات, كما أعتدنا رؤية الجوعى يقلبون كالكلاب الضالة في مقالب القمامة ..كما أعتدنا رؤية الأثرياء وقضاياهم على صفحات الجرائد وساحات المحاكم , كما أعتدنا الغناء الهابط والطعام الملوث والهواء الفاسد والأتوبيسات المكتظة في الشوارع كما أعتدنا نهر النيل بفنادقه العائمة و عشاقه الذين يسترقون النظرات و اللمسات
كما أعتدنا الكلمات فقط والمظاهرات فقط...وتذوب تلك المشاهد والجثث المحترقة بنفطناوغازنا وتصبح عادة كما كل تلك العادات نلتصق بها يومياًَ بدون أن نحرك ساكن
هذا هو كل ما أخشاه