أحمد أو محمد أو جورج ...أياً كان أسمه ...لكنه شاب مصري , طالب لايهم إذا كان يدرس الطب أو الهندسه أو حتى حقوق ولايهم أيضاً إذا كان في سنته الأولى أو حتى الأخيره ....ولايهم أيضاً إذا كان يستفيد فعلاً من دراسته في إحدى الجامعات المصريه التي تنافس جامعات أوكسفورد وكامبريدج في مستوايتها العلميه الرفيعه ...لايهم أيضاً أنه عندما ينتهي من دراسته ...لن يكون قادراً على تطبيق مادرسه ...أوحتى يستطيع أن يجد عملاً ...وحتى إن وجد عملاً لن يكفيه مرتبه ليستطيع بدء حياة جيده لشاب في العشرينيات
لايهم هذا مطلقاً ....فقط مايهم هوآمن الوطن ...فالوطن فوق الجميع الوطن يبقى والجميع يغور في ستين داهيه ..؟
عندما تمتلأ العربات بطلاب في الجامعات وأطفال و شباب خريج لم يرى من الوطن سوى أنه تركه على الأرصفه والنواصي بعد سنوات طويله من العذاب ...بعد سنوات طويله من التعليم خرج منها جاهلاً ..بعد أن دفع ألاف الجنيهات طوال تلك السنين ليحصل على شهادة ليسانس أو بكلوريوس لتعلق على الحائط
كانوا هم نفس الشباب ونفس الوجوه ونفس المكان ونفس الشارع ...عندما خرجوا مهللين و فرحين ...لم يروا أعلام الوطن بتلك الكثرة إلا في تلك الأيام ...كانت فرحه تعم المكان ..كانوا يجيئون في نفس الشارع جيئة وذهاباً بالإعلام الزاهيه ..كانت البسمات المرتسمه على وجوههم وفي أعينهم ...كانت تدل على أنهم يعشقون تراب هذا الوطن الذي لم يسمعوا عنه إلا في أعياد تحرير سيناء و في حصص التربيه الوطنيه وفي نهاية العام ...يدخل مدرس ويُملي عليهم الإجابات
حب الوطن لايعلم في حصص التربية الوطنيه ولا العسكرية ..حب الوطن في قلب كل أم فقدت ولدها في حرب التحرير ...في كل قلب أم فقدت طفلها في أروقة مستشفيات الأورام ...في كل قلب أب ينظر بحسره إلى أبناءه ممصمصاً شفتيه ...ويقول في نفسه والألم يعتصر قلبه على فلذات كبده ..متى ينجلي الظلم ..متى يطمئن على فلذاته خوفاً من أن يبتلعهم الوطن ظلماً ؟
أتأكل الأم أبنائها ...لا الوطن لا يأكل أبنائه ..فقط الوطن تاه في حقول الظلم ...تاه بين أبنائه الذين يأكلون بعضهم بعضاًد
..................
كانت العربه مكتظه ..تحوي بين طياتها محمد أو أحمد أو جورج ..لايهم ..تحمل في أحشائها شباباً أو أطفالاً دون العاشره ..لايهم..لايهم إذا كانوا قد فقدوا وعيهم جراء الغازات الخانقه ..وباتوا يتساقطون كما يتساقط الرصاص المطاطي على رؤووس المتظاهرين ...لايهم
لايهم إن كانوا يختنقون ....فداءاً للوطن
والله العظيم أنا طالب ...بص شوف البالطو الأبيض أهوه ... ..والله العظيم طالب ..بص شوف كتبي وكشاكيلي في إديه...والله ياباشا ده أنا جاي من الكليه ...ده أنا واقف طول المحاضرات والسكاشن ..أصل المدرج زحمه أجيبلك الجدول..والله ماعملت حاجه
ده انا مالياش في السياسه ولا غيرها ..ده أنا من البيت من الدرس ..ومن الدرس للبيت ..أصل أنا قاعد من المدرسه ..أصلها بطلت خلاص
انا عايز أجيب مجموع عالي علشان أدخل سياسه وإقتصاد...لا لا مش سياسه اللي هي السياسه اللي بتودي المعتقلات
لا أصل أنا عايز أبقى سفير بس أبويا نجار على قد حاله ..نفسي أفرحه وأفرح أمي الشقيانه ..ده لو عرفت ان انا أتمسكت ..يانهار إسود ده ممكن تروح فيها ...أصلها بتروح كل أسبوع حوالي تلات مرات عندها فشل كلوي
وكل يوم مرمطه في التأمين ...؟ دي ممكن تتجنن ..والله العظيم تتجنن
هند ...ياحبيبتي ....بنتي حبيبتي ..ده لسه صغيره والله لسه صغيره ..ده لسه قيلالي بابا من كام يوم ...ده ماكملتش لسه سنتين ..دي لسه بتحبي ...ذنبها إيه ..جالها نوبة ...طب هاروح أجيبها أوديه مستشفى ...دي بتموت ...عندها حساسيه في صدرها ...كنا بنقفل الشبابيك عشان الدخان بتاع القنابل مايدخلش ..أودتها ..ماعرفناش ...نزلت جري أجيب تاكسي ..بجري زي المجنون في الشوارع ..مش لاقي حاجه
كان الضرب على أشده ...بس بنتي ...والله ياباشا ..انا مالياش دعوة ...طيب أنزل بس أجيب بنتي أوديها أي حته ..وخدوني ودوني في ستين داهية
كانت العربة مكتظه ..تحوي بين صفيحها البارد محمد أو أحمد أو جورج لايهم ...أختلفت الأسماء والعناوين والأعمار شيوخاً كانوا أو أطفالاً أو شباباً ..لايهم أنصهروا جميعاً ..حتى باتت ملامحهم واحده ..وجوههم واحده وبدأ المخاض
.....................................................
كان صديقاً سائراً من كام يوم ..في الشارع كاد يبكي عندما رأى سيدة كبيرة في السن تهذي ...هي العراق نقولها هنا ياولاد
كانت وقع الكلمات أقوى من أي رصاص في الأذان
عندما يذهب الشهداء إلى النوم أصحو
وأحرثهم من هواة الرثاء
وأقول لهم
تصبحون على وطن
من سحاب ومن شجر
تصبحون على وطن
Ode to Homeland
Marcel khalifa