ماذا لو واتتني الفرصة أن أعود
لأعيش حياتي من البداية.... أعود إلى الوراء قليلاً . تلك الفكرة التي
تنتابني من الحين للأخر , هل بإستطاعتي حينها أن أمنع ... تلك الشعيرات
البيضاء - التي مللت من عدها - أن تتسحب في صمت إلى سواد شعري... لن
أمنعها من أن تقف متحدية ... معلنة عن نفسها ... معلنة عن الزمن
لن أستطيع أن ... أمنع الحيرة .. والحزن ... والجرح... هل أستطيع أن أمنع الألم ...أن أتجنب ما يؤلم ؟
ليس بمقدوري ... أن أمنع الخطأ من الحدوث
لا أستطيع أن أتجنب..... ما هو مُقدر له الحدوث أو الوقوع
ولكن تلك الفكرة مُحببة إلى نفس الإنسان ... أن ينظر دائماً إلى الوراء ... أن يتمنى فقط ....."لـــو ..!؟
أن
يتمنى تغيير ما فات رغم أنه يمتلك القادم في الحياة ويستطيع أن يغير فيها ,
فالحياة مازالت أمامي ..الزمن فيها كبحر واسع وهائج ... أمواجه المتوالية -
كأحـــداث - ... عاتية كانت أم هادئة , نستقبلها على صدورنا أو ندير لها
ظهورنا .... نقفز لنعتليها ..أو حتى نخترقها من أسفلها ..... وإذا فجاءة
وجدت نفسي في نهاية المطاف وحيداً , لا تلمس قدمي القاع بعد أن عبرت
المنطقة الآمنة ....لا أجد سوى لوح خشبي .... لأتعلق به
هذا اللوح الذي قد يكون بمثابة أمل .... أمل ولو بسيط في النجاه من الغرق .... أو قد يكون حبـــاً ♥ يبقيك حياً, يبقي قلبك نابضاً
أو قد يكون رجاءاً ..... أو أيماناً ..... إصراراً كان أو تحدياً .... حتى ولو كان ضئيلاً ... فالقليل منه يكفي
وكلما كان ما نتعلق به عالياً ....... كلما سما بنا إلى منازل أسمى
أتذكر
جيداً مشهد ذلك الرجل " الباكي " المتعلق بأستار الكعبة ... وذاك الشرطي
يجبره على الإبتعاد كما لو كان يبعد فراشات من حول مصباح وحيد
ذو وهج في شارع معتم جانبي , هو بالتأكيد لا يتعلق بالكعبة لذاتها ...
ولكنه متعلق بمن هو أسمى ... بمن هو فوق السموات السبع ... متعلق برحمه ,
إذا إستطعنا أن نحصيه ... لما أتسعت له الأرض ولا السماء ....
التعلق
تلك الصفة الإنسانية الصميمة ..... تتداخل أحياناً مع التملك ولكنها تشمله
... فالتعلق ليس شرطاً أن يكون تعلقاً بكل ما هو محسوس وحتى إن كان ذلك
فهو يخفي بين طياته معنى آخر
فإحتضان كفي الدقيق بإبهام أبي ...... كان تعلقاً , ربما ليسري بعض الآمان إلى جسدي الضئيل
وتعلقي
بأمي وإلتصاقي بها ...... حباً , وتعلقي بلعبة ما ..... تملكاً , وتعلقي
بفتاه ..... حباً من نوع آخر وتعلقي بالله .... رجاءاً ... وخشية وزلفى
وتقرباً , ولما نبكي الأحبه عند الإفتراق ... أليس لتعلقنا بهم ... لتعلقنا
بشخوصهم ..أصواتهم , أنفاسهم , روائحهم , أفعالهم وكلماتهم .....وكل تعلق
... يملئ داخلنا فراغ لا بد له أن يُملئ.
وكلما
تجذبني نفسي بعيداً لتعلقي بها هي الأخرى ..... أهرول عائداً لأتعلق
بأستار روحي ... وخالقها .... كذلك الباكي المتعلق بأستار الكعبة ..
المتعلق برحمته.
2
وبما
أني قاربت ربع قرن في الحياة ( إلا سنة ) .... أهوى كثيراًَ أفعال الزمن
الحميدة وليست الدميمة منها , فبعد أن باعدت الأيام بيني وبين حياتي
السابقه , أتوق كثيراً لرؤية هؤلاء .... شخوص حكاياتي الكبيرة رغم صغر سني
حينها , ألست أنت أيضاً تشعر بنفس شعوري حينما تطالع ألبوم الصور القابع في
الدولاب " وأنت منشكح ... " تتذكر هذا وذاك ... وتلتفت الأن لتراهم حولك
قد تغيروا .... فتجد الأولاد ..أصبحوا أطول ونبتت ذقونهم ... وشواربهم إن
لزم الأمر .... و لا يمنع أيضاً من أن " تطول ألسنتهم أيضاً " .....أما
الفتيات .... فتقال عليهن كلمة شاملة جامعة .... " البنات أدوّرو ......
ومش عارف أيه .. خرطهم خراط البنات .. والخرط عندي مرتبط ارتباطاً شرطياً
بالبط"
نحن نندهش من فعل الزمن ..... فالإنسان ليس معتاداً على تغيرات
الزمن الفجائية ... نندهش ولا ندرك أننا بصدد معجزة كونية ..نندهش بنشوّة
ربما لأننا ندرك داخلنا أنها معجزة وهبنا الله إياها .
وصدقني .. لا تعول كثيراً على هؤلاء القادمون من الماضي .... " وهذا ليس تشاؤماً .. بل هو واقعية " فهذا الصديق بعد أن
"
أخشن صوته " إذا كان رجلاً ... أو أصبح أكثر هدوئاً وإتزاناً ... أو حتى
جنوناً أو عصبية , طباعه بالتأكيد أختلفت .... ولكن يبقى ذلك الجزء الصغير
... الذي يشبه الطفل الذي كان يلهو معك ... وربما تستطيعان أن تتشاركان
لحظات محدودة ... باعثه ومحفزة للكثير من النشوة والفرح ... لحظات تتذكران
فيها ما فات........ " وهي دي بقه اللحظات اللي بفتقدها جداً " ... ولا
أستغرب أبدً أن أجلس وحيداً أضحك " مع تفسي " إذا تذكرت بالصدفة ... أو حتى
بمرور شئ ما أيقظ تلك الذكرى بداخلي ....
وبذكر جزيئة ..." جزيئة بأضحك
مع نفسي ....... أتذكر نفسي أيضاً " الشريرة المسكينة ... و هي تضحك ...
أمام شاشة الكومبيوتر.... " ويمكن لما بنضحك قدام التلفزيون بتكون مبلوعة
حبتين " .... لكن تخيل مرور " أحد هم" بجوارك ممن يخشوّن كثيراً على قواك
العقلية ....... وردود أفعالهم ........ ولكن في النهاية .... إذا باعدت
الأيام بينك وبين أحدهم ... وعدت على أمل أنه مازال كما هو ذلك الطفل ....
فالبتأكيد أنت مخطأ ,,, لأنك انت نفسك أتغيرت وفعل بكما الزمن فعلته
الدنيئة ولم يترك لكم سوى لحظـــــات .... تتذكرون فيها .
و ليس مجرد إكمالك لعدد ما من السنين ... تشير بشكل ما للزمن الذي قضيته على وجه الأرض .... ويطلق عليه مجازاً " عُمر"
حافزاً
لتفكيرك العميق .... في حياتك التي وُهبت لك كجزء من خطة محكمة ومتقنه
لأبعد مما تتخيل , ولكن يجب أن تفكر كل يوم أو كل أسبوع أو حتى كل شهر
أن تجيب على أسئلة ..... ربما يلتف عليك الزمن وينسيك إياها
ماذا تفعل في الحياة ؟
هل أنت مقتنع ... بما تفعل ..أم أنه مجرد كلام أجوف لا يتعدى حدود الغرفة أو حتى حدود الورقة ؟
وهل أنت تسير في الإتجاه الصحيح .؟
طوال السنين الماضية ماذا أنجزت ....؟
وكما هناك إنجاز ..... بالتأكيد هناك فشل ..." ما شاء الله ما فيش أكتر منه " :)) ؟
هل تخطط ... " إذا كانوا بيخططوا لمتشات الكورة " ألا أخطط لحياتي .. والتي سأعيشها مرة واحده فقط؟
تقييمك لعلاقاتك مع بني البشر أمثالك .. وعلاقتك مع الحيوانات أيضاً ..." اللي هم مش أمثالك "؟
في رحلتك العظيمة ... مالذي تريد أن تتخلص منه ..... وما الذي تريد أن تتزود به ؟
في
الحقيقة - ويقال - أن ما يأتي بعد هذه الكلمة يكون كذب .... ولكن سؤال
الإنجازات ده ... صعب جداً , وجلست كثيراً أفكر فيها ... والصراحة هو موضوع
نسبي .. يختلف بإختلافنا .... فأنت يمكن أن ترى هذا إنجازاً .... وغيرك لا
يراه إنجازاً ...
وخشيت أن لا أجد إنجازات طوال 24 عاماً في الحياة
هذه
الأسئلة أجبت عليها بالفعل ... ولكن في المرة القادمة وغيرها من الأسئلة
سأجيب عنها بإستفاضه أكثر وفي النهاية حاول أنت الآخر ..... أن تتسأل
وتجيب... وتحول إجاباتك على أرض الواقع لإختبارها .....فهي ليست أرخص بل هي
أثمن من فرضيات أينشتين و نيوتن ... هي تتعلق بإنسان ... بكائن لم يُخلق
مثله... فأنت النسخة الوحيدة المتوفرة منك... بشفرتك الورثية الفريدة
تفرد ...... أنت الآخر .....فعالمنا هذا لم يتطور إلا بالتفرد الإختلاف
بداية من فكرة صنع" الميكرويف وفرشاة الأسنان " .... حتى " فكرة... إنشطار
الذرة ... وتكنولوجيا النانو ...والطيف ." .............. العالم ليس إلا
مجمو عة من الأفكار ....والإنسان فكرة
و الإنســــــــان هو الحــــــل