Thursday, February 17, 2011

قصة ثورتين أو ثلاثة


أستمتع .......وأفتخر أولاً
-------------------------------------------------------------------------------
نحن الأن في منتصف الطريق , إذا ظن الكثير أن الثورة أنتهت , أعتقد أن هذا ليس صحيحاً , النظام كان أشبه بورم خبيث تم إجتثاثه من بدن الوطن وهذا لا يمنع أبداً أننا في مرحلة تطهير للجرح المفتوح الأن وبالتأكيد مازال البدن عليلاً بعد تلك العملية الصعبة التي كادت أن تودي بحياة الوطن , مازال في الوطن الكثير من أذناب النظام السابق وما تخلصنا منه هو فقط رأس النظام وهو بالتأكيد الجزء الأهم , بالتأكيد ما حدث في الأيام الماضيه قبل التنحي من مراوغات للإبقاء على النظام التي كانت تشبه طائرة تهوي ويحاول قائدها التخلص من الأوزان الزائدة للإرتفاع مرة أخرى والتحليق ولكن لا جدوى ...سقط النظام سقوطاً ذريعاً ولكن ماذا الأن ؟

فلنبتعد قليلاً عن هنا , هناك في أوروبا بالتحديد في جنوب غرب أوروبا في القرن الثامن عشر , تلك الثورة التي غيرت الكثير من الأمور في أوروبا  وهزت عروش الملكية في أوروبا عملياً كانت أوروبا هي التي تقود العالم حينها فلم تكن قد ظهرت أمريكا بعد على الساحة , أنا أتحدث هنا عن الثورة الفرنسية , يُقال أنها أعظم الثورات في العالم , بالفعل هي غيرت خارطة العالم , ولكن أنتظروا قليلاً  , أولاً ما هي أهداف الثورة الفرنسية ؟ بالتأكيد الثورات تسقط أنظمة متغلغلة في أرض الوطن , أسقطت الثورة الفرنسية النظام الملكي والنظام الإقطاعي هذا أبرز ما نجحت الثورة في إسقاطه ولكن بعد أن تم إعدام الملك , للأسف أتخذت الثورة طابعاً دموياً تمثل في إعدام كل من كان ضد الثورة وكان هناك ما يسمى بالجمعية الوطنية وهم من أمسكوا بزمام الأمور وسُمي عصرهم بعصر الإرهاب , كانت الفترة الأشد دموية بالفعل حيث تحولت الثورة إلى إنقسام وتصارع على السلطة و مقاصل لكل من يُتهم بأنه ضد الثورة بل خلقاليعاقبة ( وهم من كانوا يمسكون بزمام الأمور في الجمعية الوطنية ) ديانة جديدة تم محو الكاثوليكية على إثرها وسميت بعبادة العقل 
بعد ذلك كانت حكومة الإدارة التي يمكن أن نقول أنها أعادت الأمور إلى نصابها السليم لولا بعض المشكلات الداخلية والثورات الصغيرة وبالتأكيد العديد من الأرواح التي أزهقت , كل ذلك مهد لقدوم نابليون بونابارت وميلاد الإمبراطورية الفرنسية , ما أود أن أشير إليه :
أولاً - أن النظام الملكي والإقطاعي لم يسقط بسهولة ودُفع الثمن غالياً من دماء الفرنسيين لإسقاطه هو ونبلاؤه المزعومين
ثانياً - ليس معنى إعدام الملك في ميدان الجمهورية بباريس أن مؤيديه سقطوا هم ايضاً .
ثالثاً - ألبست الثورة ردائاً دامياً بأيدي بعض الثوار الذين أنشقوا على بعضهم و ارتكبت مجازر في حق الملكيين أي مؤيدي الملك السابق
رابعاً- بالتأكيد أبتعدت الثورة بكيلومترات كثيرة عن مبادئ حقوق الإنسان ومبادئ الحرية والإخاء والمساواة
خامساً - الثورة بالتأكيد أطاحت بكل الأنظمة الفاسدة ولها الكثير من المميزات ولكن استغرقت فرنسا أعواماً طويلة جداً حتى يتخلصوا من هيمنة جماعة معينة أو فرد معين على الحكم وما كانت الثورة إلا خطوة أولى في طريق طويل وممتد إلى الحرية التي تنعم بها فرنسا الأن .

نعود مرة أخرى إلى مصر , فبعد أن تتبعنا الثورة الفرنسية وسقوط الملك والجمعية الوطنية وحكومة الإدارة ومن ثم الإمبراطورية الفرنسية وانفراد بونابارت بالسلطة حتى وصلنا الى الجمهورية الخامسة بنظام برلماني نصف رئاسي .
لا نستطيع بأي حال من الأحوال أن نفصل ثورة يوليو عن الثورة الحالية لأننا بالتأكيد نسير على خط ومسار واحد , فبعد أن قامت ثورة يوليو أسست ما يمكن أن نطلق عليه الجمهورية الأولى برئاسة عبد الناصر ومن بعده السادات ثم مبارك , الثلاثة كان حكمهم قائم على الحكم العسكري المتمثل في حكم الفرد الواحد , لا نستطيع تجاهل مكاسب الثورة التي قام بها الضباط وكان أهمها أيضاً إنهاء النظام الملكي والنظام الإقطاعي والأهم من ذلك كله جلاء الإستعمار الإنجليزي ولكن ماذا قدم المصريون ثمناً لتلك الثورة ؟
كانت ثورة بيضاء بالتأكيد ولم يتم سفك دماء مصري واحد , فكما يطلقون عليها هي ثورة بدون نقطة دم واحدة , حيث تم إجلاء الإنجليز عن مصر بدون حرب , هذا ما يُقال .
دعونا نتفق في البداية أن الثورة ضد الظلم والفساد وقتها سواءاً ضد الملك وحاشيته أو ضد الإنجليز كانت ستقوم إما عاجلاً أو آجلاً , حيث أن الحنق ضد القصر كان يتنامى بعد النكبة في فلسطين وفالثورات ضد الظلم لم تنتهي من مصر ابداً قبل ثورة يوليو فكانت هناك ثورة 19 ومن قبلها الثورة العرابية وان كانت ثورات غير مكتملة ولكنها ثورات حققت مكاسب وان كانت ضئيلة ولك الشعب المصري أثبت التاريخ أنه ليس شعباً خانعاً , إذن الثورة كانت قادمة لا محالة إما على عربات الجيش أو حتى بأيدي الشعب المشكلة فقط من يقوم بالثورة أولاً ليسانده الأخر الشعب أو الجيش .
مرة أخرى ما هو الثمن الذي دفعه المصريون لتلك الثورة .
أولاً - حرب 56 حيث كانت تلك الثورة مرفوضه من القوى الخارجية والإستعمارية لأن إستقلال دول المنطقة توالى تباعاً
ثانياً - إنفراد مجموعة بالسلطة والحكم 
ثالثاً - أكلت الثورة نفسها وليس بالأحرى أن نقول أن الضباط قتلوا بعضهم البعض ولكن حدث ذلك بشكل أخر حيث أنقسم البعض عن الضباط  وأبرزهم محمد نجيب لذا تم التخلص منه ومن غيره
رابعاً - كلفت الثورة مصر الكثير حيث عاشت مصر في أحلك عصور الإستبداد والقمع على يد فرد وجماعة مستفيدة فقط
فلا ديموقراطية ولا حرية وبالتأكيد الحياة السياسية تؤثر سلباً على الحياة الإقتصادية وأنا هنا أتحدث عن ثلاثة حكام توالوا مستخدمين نفس الأدوات .
خامساً - كانت أعتى سقطات النظام نكسة 67  وبالرغم من أن مصر أستعادت الأرض ورأت بعض الإنفراجه في عهد السادات ولكن تبعتها نكسات أخرى وتردى المجتمع طوال ثلاثون عاماً من نكسات متوالية صغيرة كادت أن تبتلع الوطن .

إذن كان الثمن القمع والإستبداد والسلطة المطلقة زاعمين أن مصر تحررت ولكن ما حدث أنها خرجت من حفرة إلى حفرة أخرى 
لتتراكم وتتراكم مسببات ثورة أخرى لتنفجر في وجه الثورة الأولى تلقائياً وهذا ماحدث بعد تسعة وخمسون عاماً من القمع والإستبداد.

الجمــــهوريــــة الثـــــانيـــــة
كانت ثورة يوليو هي أيضاً الخطوة الأولى في طريق طويل إلى الحرية والمساوة والعدالة بين كل أفراد الشعب, نحن الأن في منتصف الطريق , فنحن لا نعود إلى الوراء وحكم العسكر( هو الأن مؤقت ) أنتهى وأتمنى أيضاً أن تكتمل ثورة 25 يناير بنظام ديمقراطي يؤسس الحرية والمساوة بين الجميع لأن الشعب دفع الكثير ولا أقصد بضع المئات من القتلى أو حتى آلاف المصابين ولكن دفع الثمن طوال مايقرب ستون عاماً لأنظمة فاسدة , وأود أن أشير إلى :
أولاً : أنه ليس معنى أن حكم مبارك أنتهى أن نظامه مايزال قائماً بشكل أو بأخر هنا وهناك ومازال هناك أذناب للنظام
ثانياً : الثورة تمثلت في تظاهرات وإعتصامات طوال ثلاثة أسابيع ماضية أسقطت النقطة الأقوى في النظام .
ثالثاً : أنتقلنا من مرحلة التظاهرات بعد التنحي إلى تشكيل لجنة من الشباب للحوار مع المجلس العسكري في بقية الإصلاحات لإنهاء نقاط النظام الأضعف التي مازالت تصارع لإبقاءها .
رابعاً :أنتهت التظاهرات ونحن الأن في مرحلة إنتقالية تتكون من جزأين وهي التنظيف والبناء , إذن لا معنى للتظاهرات الأن بل هي تضر بالثورة قبل أن تضر بجسد الوطن العليل .
خامساً: يحاول بعض أذناب النظام الأن للتبرير والتلون لمحاولة الهروب من المحاسبة وأيضاً إختلاق مشاكل داخلية في شكل إعتصامات في أكثر من مكان حساس في مصر بالإضافة إلى خلق جو من التعاطف مع الرئيس بإشاعة أخبار عن سوء صحته.
سادساً : كل ما أخشاه أن تأخذ الثورة مساراً يبتعد عن المسار الأول الذي خلقته لنفسها , بإعتلاء السلطة نظام جديد استبدادي أو حتى نظام قديم ألبس رداءاً جديداً .

أصنــــــــــع التــــــــاريخ
ولكن ما يبعث في نفسي الأمل أن الشباب  تنفس الحرية  ولن يفرط فيها مرة أخرى , لأنه عرف طريق الميادين والبهجة والتحليق .
وكل ما أريد أن أنصح به نفسي وإياكم أن نكتمل مسيرة الثورة ونعمم خلق وحضارة التحرير وغيرها من الميادين لتشمل كل حياتنا ولا ندع أحداً يشكك في الثورة ولا نفرط في حساب كل من فرط في حق الوطن .

Tuesday, February 08, 2011

قبسات ثورية


  

 في أحد المرات كان هناك راعي خراف , عصف به الملل فصرخ عالياً مستغيثاً بالجوار لينقذوه من الذئب الذي يهاجمه الأن , فهرول الجميع لينقذوه ولكن لم يجدواً ذئباً , ضحك الراعي مستهزئاً من فزعهم وعاد الأهالي ساخطين , تكرر ذلك مرتين أو ثلاثة وكل مرة يعود الأهالي ساخطين ناقمين على الراعي , وقد حسموا أمرهم أنهم لن يستجيبوا أبدا له , وفي أحد المرات هاجم الذئب الخراف بالفعل , صرخ واستنجد الراعي بالناس لينقذوه , ولكن لم يصدقوه هذه المره. 


أن تمتلك شعباً نصفه من الفقراء  وتأخذ الترتيب السابع على مستوى التعليم في عدد الآميين بالإضافة إلى أن هناك طبقة عريضة من الشعب إن كانوا قادرين على القراءة والكتابة ولا يصفوا بالآميين فهم معدومي الثقافة وسطحيين إلى أقصى درجة فهم قد تلقوا تعليماً متدني جداً  بالرغم من أن هؤلاء هم أكثر من عانوا من الفقر والجهل والمرض وويلات النظام..؟ 
هناك فئة أخرى وان كانت حصلت على قدر جيد من التعليم إلا أن التعليم في هذا الوطن لا يعني أبداً أن تكون واسع الأفق وواعي بما يجري حولك أو حتى على أقل تقدير تمتلك معرفة جيدة تمكنك من قراءة جيدة للمجتمع على الأقل .



كنت منذ البداية داعماً لفكرة مظاهرات يوم الغضب, أرأيت ماذا قلت " مظاهرات" , كنت قد أغرمت بالثورة التونسية وتسألت هل لنا بمثلها , لأكن صادقاً لم أكن أتخيلها أن تمر علينا حتى مرور الكرام , ومن قرأ مقالي السابق ربما أشرت ولمحت كثيراً إلى بوادر ثورة في 2008 في مدينة المحلة ولكنها أجهضت بالقمع , لا أنكر أبداً أن الثورة التونسية كانت مُحفزاً قوياً , لم تلقى فكرة أن تكون ثورة بموعد صداً حتى معي أنا شخصياً , ولكني كنت أدعم وأؤمن بأي شكل من أشكال الإعتراض والتعبير بصوت مسموع .



25 يناير  : لم أكن قد قررت فعلياً هل أشارك مشاركه فعليه أم أكتفي فقط بالجلوس متفرجاً ومتابعاً فقط مع إيماني المبتور والغير مُفعل على أرض الواقع , قررت أن أشارك ,أجريت إتصالاً مع أحدهم الذي يمتلك نفس الميول , أتفقنا على أن نتجه سوياً حيث الحرية , كان عليّ أن أرضخ في النهاية إلى الضغط الذي مارسته " أمي " وإجباري على عدم النزول بعد أن باءت محاولاتي في إقناعي لها أنها " سلمية " بالفشل .
في الحقيقة لم أكن باراً ومطيعاً لأمي , و لم ألبي ندائها الذي كان يتصاعد كلما تصاعدت أصوات المتظاهرين , لم تقدم لي أمي الكثير الذي يدفعني إلى التلبيه , أعلم أن الأمر ليس في متناولها وأنها تمر بظروف قاسية , ولكن أتذكر جيداً سنة قدمتها ودفعتها كثمن لإنتمائي إليها , وهل هناك أكثر من العمر يدفعه الإنسان ثمناً , لا أظن أن هناك أغلى من العمر, كثيراً ما سئمت من أمومتك القاسية التي قذفت بي في الصحراء في مدرعة صماء , كثيراً ما تعرضت للإهانة بإسمك , كنت أتمتم بإسمك في نومي في صحوي عند طلوع الشمس وغروبها , والأن أنتِ تنادين مرة أخرى يا أمي لألعن من أهانني بإسمك , صراحة لي أمًُ أخرى قدمت أكثر من تلك السنة التي قدمتها , إذن فهي أولى منكِ الأن على الأقل حتى نصل إلى تسوية ما في ذلك الأمر.


إذن الوصفة بسيطة جداً فقط تحتاج من أن تمتلك شعباً نصفه من المعدمين بالإضافة إلى شرطة وجيش
مجرد محتجين ومتظاهرين لهم مطالب يحاولون التعبير عنها بشكل سلمي , لم تستطع القوة البوليسية في ردعهم وإعادتهم إلى منازلهم  بالرغم من أن الردع والقمع في منتهى القسوة , فقد أستخدمت كل الوسائل المشروعة والغير مشروعة ولكنها فشلت , إذن نحن أمام قوة متنامية في الشارع لم تفي القوة ولم تفي الاعتقالات 
إذن الدولة في مأزق الأن ماذا تفعل ....؟
أن تسمح الشرطة بمرور هؤلاء إلى ميدان التحرير وبذلك أنتصروا وتتزايد الأعداد ويتزايد الضغط , ذلك ما حدث ولكن ليس بالضبط , ماحدث بالتحديد هو تعريض الوطن لحالة من الفوضى خلقوها هم , أنا أستغرب تلك العقل الجهنمية والشيطانية التي يمكن أن تفكر بتلك الطريقة 
كيف تخلق حالة من الفوضى في وطن نصفة من المعدمين ( سواء كانوا فقراء أو جاهلون أو آميون )؟
- أن تخلي هذا الوطن من أي مظهر من مظاهر الأمن حتى لو كان عسكري مرور في إشارة
- فرض حظر تجول في مدن كبرى ورئيسية ...ليصاب الوطن بشلل في كل مصالحة مما يؤثر على المواطن  ويشمل ذلك من إغلاق بنوك ومصالح كبرى.
- أن تورط الجيش وتكلفة بمهام ليست هي مهامة الأساسية , ليس من مهام الجيش الوقوف في اشارات المرور وتفتيش المركبات والقبض على المجرمين والهاربين , بالتأكيد من مهامه حفظ أمن الوطن ولكن ضد أي هجوم خارجي , وهذا بالتأكيد يؤدي إلى  إرباك خطير للجيش مما يؤدي الى التأثير المباشر على إستقرار الوطن .
- خُلق جواً من السخط نتيجة لتلك العوامل التي خلقها النظام مما أدى إلى ظهور رأياً مضاداً للإحتجاجات يدعو إلى التعقل والإستقرار وكأن التظاهرات هي التي أوصلتنا إلى تلك الفوضى .



- بعد أن سُحبت قوات الأمن المركزي من مواجهة الثورة , كان يجب أن يسد النظام تلك الثغرة , لذا أستعان بتجنيد الإعلام كقوات أمن مركزي جديدة ولكن ليست لمواجهة الثورة في الشارع وعلى الأرض , بل في البيوت وعلى الشاشات , لتكن أخطر بمراحل من الأمن المركزي الحقيقي , أجد أن تلك الخدعة قد أنطليت على الكثير من الشعب . 
- أعتقد هنا أن النظام كان شديد الذكاء بإستغلال حالة الفوضى التي أختلقها هو لبث الأفكار , نعم فنحن هنا أمام نظام أنتقل ولو جزئياً من محاربة الأفكار بالقوة والعنف إلى محاربة الأفكار بأفكار مضادة , وهذا الفضل يرجع بالتأكيد إلى الثورة والشباب لذا ساهمت الثورة في تطوير فكر النظام ( ولو بشكل طفيف ) وإن كانت الأدوات المستخدمة ليست شريفة أو أخلاقية بل بالعكس أقل ما توصف بالدنيئة والخسيسة ( كما هو النظام بالضبط ) .
لاقت نظريات المؤامرة رواجاً وصداً واسعاً لدى الكثير , وكأننا نستمد من تلك الأفلام التي تظهر لنا أن هناك يقبع وراء الستار يحرك وينفذ المخططات التأمرية , ويأتي البطل في النهاية ليكتشف تلك المؤامرة التي دائماً ما تحاك ضد الوطن وبالتأكيد دائماً المتأمر يكون " إسرائيل " . 
- أظن أن هناك تحالف قوى بين النظام وما يُعرف بالجماعة (السلفية ) التي تُحرم الخروج عن الحاكم ,كنت أعلم ذلك جيداً منذ فترة طويلة ولكن ما هالني بالفعل أنني تلقيت ما يشبه لكمة قوية من أحدهم في أحد اللجان الشعبية , لم يكن لنا غير الحديث عن الأوضاع , لأجده يستنكر مصدوماً أنهم يدفنون الموتى ( الشهداء ) في المظاهرات بدون تغسيل , وأن من يموت في تلك المظاهرات  يموت موتاً جاهلياً ( كمن يموت في الجاهلية ) - مَن خرج من الطاعة ،و فـارقَ الجماعة فمات ؛ ماتَ مِيتـة جاهلية .. - 
وهو يعتقد أن المظاهرات والإحتجاجات خروج عن الحاكم وخروج عن الطاعة وعن ولي الأمر , بحكم خبرتي الواسعة في جدال هؤلاء تراجعت عن فكرة محاولة إقناعه حتى أو الدخول في متاهات وأزقة لا أعلم لها نهايات , لذا تراجعت .
صبيحة يوم جمعة الرحيل فوجئت ولأول مرة في تاريخ التلفزيون المصري فوجئت بالشيخ محمود المصري , أحزنني كثيراً وعندي رؤيتي له فهمت جيداً عما يتحدث .
  
هناك حيث مصر الحرة , أطلوقوا عليها المدينة الفاضلة أو اليوتوبيا , حيث أجد أمي , هناك حيث أرتميت بين أحضانها مُقبلاً كفيها , طالباً أن تسامحني على تقصيري متعللاً بأن كليهما أمي , هناك حيث تجلس القرفصاء وكأنها عادت شابة في العشرين , ويلتف حولها أبنائها وأنا منهم و وهي تغني الأهازيج والأغاني ونحن نردد ورائها ليرتفع صوتنا عالياً , الأن وقد  أفرغت ما تبقى في رئتيها من دخان مسيل للدموع , ووضعت الزهور فوق قبور الشهداء المغسولين بماء الورد , بعد أن لثمت جبين كل أم شهيد غسل عارها , آن لها الأن أن تتنفس حرية بعد أن أنقشع الدخان الذي ألتف حول المأذن حول أبراج الكنائس , آن لها أن تصغي لصلوات الأحرار حين يسجدون للخلاص, لميلاد جديد يأتي لينسهم آلام الجروح ,  حُلمي الأن أن أذهب إلى هناك .



علمٌ من ثلاثة ألوان , أمتزجت ألوانه الثلاثة لتشكل أيقونة ساحرة , أتعجب ما الجاذب والساحر في قطعة قماش تعبر عن الوطن ,ما السرى يا ترى في قطعة قماش , كأنني أشعر أن الوطن بث من روحه في ألوانه وطائره الذهبي, ما تلك القشعريرة التي أنتابتني عندما رأيته ضخماً يرتفع على الساري , وهو يعانق الرياح , ويترقصان على نغمات النشيد , نفس القشعريرة التي تسري في جسدي أثناء ترديد النشيد قبيل إحدى مباريات كرة القدم الدولية , تسري أيضاً عندما أراه يكسو بألوانه الزاهية المدرجات , يلوح لي من بعيد ولكن منذ فترة ليست ببعيدة 
وجدته يلوح لي نازفاً تكسوه بقعاً من الدم , كأنه جرح برصاصة طائشة وعمياء .
وجدته قد أختنق من سحب الدخان الأبيض الخانق الذي أطبق على رئتي العلم
وجدته مبتلاً بمدافع الماء في أوج البروده ولم أستطع بعدها أن أفرق بين إبتلاله بمدافع الماء أم لدموعه
وجدته يحمل حجارة 
وجدته مجثياً في المشرحة أو فوق خشبة وهم يصلون عليه في الميدان .



أنت كنت ميت بالفعل ياصديقي .....صدقني أنت ميت , انت لا تشعر والمرض يتسلل داخلك 
هم خلقوك هكذا مستكيناً خائفاً مرتعداً , تعاني من حساسية مفرطة من ضوء الشمس ونسائم الحرية
خلقوك جاهلاً ويستوطن بدنك الأفكار والأمراض العفنة .....خلقوك صامتاً مرتعداً لا تعترض, تلهث وراء الفتات المسرطن والقطرات الملوثة كأنك من الهوام التي تقتات على تلال النفايات ,
خلقوا أجيالاً وأجيالاً من هؤلاء المغيبين الذين يفتقدون أدنى    أشكال الإنسانية 
 فهم يُحشرون في معلبات معدنية بأربعة عجلات , ويعالجون ويتعلمون في أقل ما توصف بأنها مستشفيات أو مدارس
  صديقي ما طعم الحرية وأنت تتنفس هواءاً فاسداً
صديقي كيف ترفع رأسك في هذا الوطن بعد أن أمتطوا ظهرك
كيف تسير في الشوارع والدماء تصرخ منتحبة على الأرصفة وفوق الأسلفت
ما بال صرخات الثكالى واليتامى ألا تسمعها
صديقي كيف تسير مطـأطأ رأسك , تشيح بنظرك عن الظلم 
ماذا ستخبر ولدك ؟
أنك فضلت لقمة من أجل الحرية 

لا تصالح لأمل دنقل
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدّنس
كيف تنظر في عينيّ امرأة 
تعرف انك لا تستطيع حمايتها
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غداً ....لوليد ينام
كيف تحلم أو تتغنى بمستقبل لغلام
وهو يكبر - بين يديك - بقلب مُنكّس ؟