Saturday, August 16, 2008

هل من معترض؟

ينظر الكاتب الشاب إلى شاشة الكومبيوتر متحيراً , لم يكتب شيئاً جديداً منذ فترة طويلة , يريد شيئاً جديداً يثير زوابع وأحاديث جدليه إلى الأبد فقد سئم من تعليقات القراء التي تشيد بما يكتب دوماً , وتنقر على الكيبورد بعبارات المديح والثناء كأنه الكاتب الأوحد في بر مصر والعالم العربي كله , هل يعقل أن يكون كل مايكتب بذلك الكمال وخالي من العيوب , مازال متحيراً فيما يكتب هل يكتب مقالة جريئة أم قصة قصيرة أو موقف أم ماذا , مقالة جريئة , لا لن يكتب مقالة جريئة مع أنها ستساعده على تنفيس وإخراج مابداخله ولكن سيكون لها عواقب وخيمة لايتوقعها أو حتى يتوقعها , حتى أن الأنواع من تلك الكتابات النارية يوجد بوفرة في صحف المعارضة .إنتقادات بالجملة للرئيس وحرم الرئيس وإبن الرئيس وحتى حفيد الرئيس لم يسلم من الإنتقادات , السادة الوزراء وزيراً وزيرا, ثم أن لاشئ مضمون في ذلك البلد , فيمكن أن يتعرض للمسائلة ,أو حتى يحل ضيفاً على أحد الأماكن التي لايود أبداً أن يكون ضيفاً فيها رغم أنفه,
أحدهم يستجوبه كما يرى في الأفلام , مكتب مُعتم , رجل متجهم لايظهر منه إلا ملامح وجهه , مصباح كهربائي مهتز منخفض الإرتفاع , إضاءة خافته جداً ,يصيح الرجل في وجهه , ماالذي جعلك تكتب هذا؟
لا ليس أنا من كتبت هذا.؟
لاداعي للإنكار نحن نعلم كل شئ , أتعلم أن أمك كانت متزوجه قبل أن تتزوج أبيك ؟
يفكر الكاتب ( أنا شفت المشهد ده قبل كده ..؟فين ؟)؟ : نعم ياباشا أنا من كتبت هذا و( اللي تأمر بيه سيادتك )؟
لماذا كتبته ؟
تنفرج أسارير الكاتب الشاب "نحن في عصر الديمقراطية ياباشا ,مش الرايس بيقول كده برضه ولا إيه"؟
ينظر الرجل إيه في غضب : نعم ياروح أمك ..ويصفعه على وجهه
يتلقى الشاب الصفعة كأنه أفاق تواً من تخدير عملية قلب مفتوح :أسف والله نحن في عصر الباذناجان الأسود واللي تأمر بيه سيادتك
...
وإذا بأم الكاتب توقظه وهو نائم على المكتب ,يستيقظ وينظر إليها ,تسأله هل أنت جائع , يجيب عليها بأنه ليس جائعاً ,تخرج الأم وهي تتمتم "أمال إيه حكاية الباذنجان الأسود هذه "؟ أما أمر هذا الولد عجيب ...؟
مازال الكاتب يفكر بعد أن صرف نظر عن المقاله بعد هذا الكابوس المريع الفظيع , إذن ماذا يكتب ,يريد أن يكتب شئ غير معتاد , لا يثني عليه القراء كالعادة ,للأسف كانت ستفي المقالات بالغرض فلن يثني عليه أحد أبداً , لن يتجرأ أحد مطلقاً على وصفه بالجرئ , فقد يرافقه في الضيافة الإجبارية , يالحظه العاثر ,تومض فكرة في تلافيف المخ , وجدها أخيراً ,سيكتب قصة قصيرة جريئه أيضاً تتناول موضوعاً ساخناً وتحوي بين سطورها الكثير من الأشياء التي ستجلب الكثير من القراء ليعترضون عليها , كقصه تحكي عن شاذ " كلمه منمقه " تُظهره على أنه ضحية وأنه مُضطهد من الجميع لأنه ممنوع من الإرتباط بصديقه المثلي " كلمه منمقه أخرى " ,يُقلب الكاتب الفكره في رأسه ,نعم تبدو جيده ورائعه جداً وياحبذا أيضاً لو أضفنا إليها بعض التحابيش والبهارات من كم مشهد جنسي بين الصديقين يستخدم فيها الكاتب بعض الكلمات والإيحاءات الجنسية الساخنة التي تثير الجميع ضده , نعم هكذا سيجد الكثير من القراء الذين سوف يلعنوه ويسبوه بكل سهوله , ولكنه سيجد أيضاً المتفقين معه فهذا أمر غير مضمون , فربما يتضامن معه الكثير من الشواذ , وهنا يحدث مالايُحمد عقباه سيشك الجميع في أمر الكاتب ويعلنون أنه شاذ هوالأخر , وهذا مالايريده أبداً . يستبعد الكاتب فكرة قصة تتحدث عن شاذ تماماً وإلى الأبد , ماذا يفعل الأن الكاتب ؟ يفكر للمره المائة ويغير قليلاً في الفكرة السابقه , سيكتب قصة تتحدث عن عاهره ويصف فيها علاقتها مع الرجال المختلفين الذين قابلتهم في حياتها وإستمتاعها , أو حتى يمكن أن يكون رجلاً ويتحدث عن علاقته المختلفة مع النساء وفتيات الليل اللائي قابلهن طوال حياته , فكره رائعه وسيصف بدقه شديده تلك العلاقات الجنسية المحرمه والممنوعه بأدق التفاصيل بعد أن ينتزع من اللغة كلمات شديدة الوقاحة والإباحية وسيطلق عليها كلمات
جريئه وسيدعي أنه أستخدم ذلك الوصف للمصداقيه إذا هاجموه بأنها تشبه قصص البورنو الجنسيه المتداوله بين عموم المراهقين ,المراهقين رنت الكلمه في أذن الشاب ,تخيل أن له إبنه أو حتى إبن هل سيتجرأ يوماً ليعطيها لها لتقرأها ويحدثها عن قصته بفخر كبير, بالتأكيد لا ,لن يحدث هذا أبداً ,لا يرضى أبداً الكاتب بأن يلوث عقلية إبنته بقصص كتلك فهي تترك إنطباعاً سيئاً في النفس , هناك كتاب كثيرون يفعلون ذلك ولكنه ليس كذلك ,لايقبل شيئاً على نفسه إذن لايقبله على غيره ,هؤلاء الكتاب" المتفتحون وهي كلمه منمقه أيضاً تعني بالأعنى منغلقون " في رأيه تجارتهم كاسدة ,وليجذبون القراء لبضائعهم الواقف حالها وليُقال عليهم كتاب الواقعية بجراءة ولكن هناك بين الجراءة والوقاحة شعرة , يعتقد أنهم تعدوها بمئات الأميال,علاء الأسواني أو حتى كاتب مثل محمد صلاح العزب و أخرون يروجون لسلعتهم الكاسدة بطرق ملتوية , تماماً مثل الباعة الجائلين يجذبون المارة بشتى الطرق , الكاتب وطبيب الأسنان علاء الأسواني كتب ثلاث روايات بالعدد ,أشهرهم إثنتان شيكاغو وعمارة يعقوبيان والعزب روائي شاب له رواية هو الأخر تلك الروايات حققت نسبة مبيعات وإثنتان منهم نشروا في جريدة معارضة رائجه , لاينكر الكاتب الشاب موهبة هؤلاء الكتاب المتحررون " كلمة منمقه أيضاً لها نفس المعنى السابق " ولكنها لاتصلح أن يضعها الأب على رف في مكتبة في غرفة الصالون لتكون في متناول الجميع بكل الأعمار ,لاتصلح لتقرأ بين الصغار أو حتى الكبار , لاينكر أيضاً قيمتها الأدبية الكبيرةالمنقوصة ولكن يتساءل كاتبنا , هل هناك مانع أن يكتبوا مايريدون كتابته بكلمات منمقه أكثر ولاتكون إباحية بكل ماتشمله الكلمه من معنى , سألوا الروائي الطبيب ذات مرة ,مافائدة تلك المشاهد الجنسية الإباحية هل يمكن مقارنتها بقصص البورنو ,أجاب الروائي المحترم ,الأفلام والصور الجنسية أصبحت في متناول الجميع الأن وليس كما في السابق , ولكن لم يلتفت الروائي الكبير إلى أن كل الطرق تؤدي إلى روما , فلن تختلف كثيراً إلى ركبت قطاراً أو مترو أو أتوبيس أو ميكروباص أو حتى طائرة هيلكوبتر للوصول إلى مكان ما , تختلف الوسائل لكن في النهاية سنصل بدون شك , نظر الكاتب إلى الساعة لقد تأخر ,قرر أن ينهي مابدأه معلناً على أنه فشل في إيجاد طريقة مثلى في إيجاد معارضين له طول الخط , فكلما كتب شيئاً وجد من في صفه ووجد المعارض ضده
أتجه إلى أمه التي كانت جالسة أمام التلفاز , أمي أريد أن أسألك سؤالا ولكن أجيبي بصراحة ؟
ماذا هناك
هل ...هل كنتي ...متزوجه من رجل آخر قبل أبي؟

13 comments:

كلام وخلاص said...

مكس مشاعر غريب كأنك فتحت تلافيف عقلك ووصلتها بكيبورد جميل انك تلاقى كلمات تعبر بيها عن اللى تحسه وعشان مش دايما اللى بنحسه بيكون واضح ومحدد بالمسطرة فكلماتنا بالمثل مش بتبقى بنفس الوضوح وان كانت محملة بجزء كبير من احاسيسنا وكل ما الكاتب كان شاطر كل ماقدر يختار الكلمة اللى تعبر عن نسبة كبيرة من الاحساس واللى بتأثر فى نفس كل قارىء كما يحلو له ويخصه مش ذنب الناس اللى بتقرالك انهم حسوا بكلماتك فعبروا عن استحسانهم او على الاقل باتكلم عن نفسى
عاوز تكتب شىء له معنى ويثير الجدل معادلة صعبة
اما عن قصص الاسوانى وماشابها لو كنت قريت قصة ادريس بيت من لحم اعتقد انها حققت هدفك يعنى لغته معبرة جدا بدون كلمة واحدة تصنف على انها اباحية
حسيت نبرة اعتراض عميقة جداا فى كلامك على حاجات كتير
take it easy
سلام

emad.algendy said...

يكفيه ان يحادثنا من قلبه
لن يرضي جميع البشر
يكفي ان يرضى بالا ويقر عينا بما كتب
"لو نضجت الفكرة اكثر وحذفت بعض الجمل.. لكان ابدع
"
دمت بخير

صوت من مصر said...

بجد جميل جدا وبجد مش عارف اقولك انه صعب جدا ؟

kmt said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عود احمد
ايه الغيبة دي

عودة "جــــــــــــامدة" بجد
بس انا معترضة

بص من حق كل واح يول اللي هو عاوزة بالطريقة اللي هو شايفها ممكن توصل وانا كمان حر اقرأاللي يعجبني واذا مش عجبني صندوق القمامة " كلمة منمقة"موجود

عارف زي موضوع الريموت كونترول
(:
كل شهر وانت بخير
تحياتي
الي اللقاء

دعاء مواجهات said...

oعجبنى اوى الدقة فى الوصف والسرد

بجد اكتر من متميز

والصراعى النفسى فيها ناجح اوى

انا نزلت البوست الجديد

نورتنى..

Abd Al-Rahman said...

هيومان
أرفع القبعة إحتراما لأسلوبك الأدبى الرائع ، ولعمق الفكرة التى تحدثت عنها ، اتفق معك مائة بالمائة فى وجهة نظرك عن علاء الاسوانى ومثله من أشباه الكتاب ، وانا قرأت له جزء كبير من رواية شيكاغو لكنى لم أستطع إكمالها فقد كنت أشعر بالغثيان عند قراءتها ، عافانى الله وإياك من هذه الأصناف العفنة
.
عندى كلام كثير حول قطة التحرر فى الكتابة أو فى الافلام أو فى الأغانى ، وقربهم الشديد من البورنو ، الا اننى أنوى ان شاء الله التحدث باستفاضة فى موضوع خاص لذلك .
فى النهاية أوجه للكاتب بطل قصتك أو موضوعك رسالة ، وهى أنه ليس المهم أن تثير جدلا حول ماتكتب ، المهم أن يكون هذا الجدل فى ميزان حسناتك وليس فى الناحية الأخرى .
تحياتى ، واسمح لى بإضافة لينك مدونتك الى قائمة المدونات عندى

Gannah said...

كان لى تعليق على احدى القصص نشرت فى مدونة للنقد الادبى وجدت انه يناسب تماما ما كتبت والذى اتفق فيه معك
وكان تعليقى كالتالى
---------------------------------
احييك على اختيارك للقصة ليس للاسباب
التى ذكرتها ولكن لانها تنتمى الى نوعية الادب الحقيقى كما عرفه احد الأدباء عندما قال:"انه الأدب الذى تخرج من قراءته و أنت أكثر طيبة و أكثر نبلا..و انه الأدب الذى تحس بعد أن تنتهى منه بأنك قد صرت إنسانا أفضل وبأن رغبتك فى أن تكون أكثر عطفا و إنسانية و تفهما فى علاقاتك مع الآخرين قد ازدادت كثيرا عنها قبل أن تقرأه"فانا لا افهم ان يقضى اديب سنوات من عمره فى كتابة رواية تقدم لك حفنة من النماذج المنتقاة لتظهر اسوأ ما فى البشر ثم نحتفى به ونقول برافو لقد صور الواقع أليس فى الواقع آلاف من البسطاء الذين يملئون الأرض خيرا وحقا وعدلا . أليسوا يستحقون منا
أن نجعل منهم أبطالا؟
-----------------------------------
احييك على هذا الموضوع
وكل عام وانت بخير

Aиgel said...


كل رمضان و أرواحكم البيضاء بخير
اللهم أجعل في قلوبنا نوراً يضيء ظلمة الليالي برضاك عنّا ,
و أجعل في أجسادنا هِمَمٌ تحتوينا فترتقي بنا نحو عفوك ” آمين ”

كل سنة وحضرتك طيب


أختكم في الله
Angel

Noha El-arabi said...

احييك بشدة انك فعلا وصفت حال انواع الرواية الموجوده دلوقتي و ازاي انهم بيروجوا لبضاعتهم الكاسدة و يقولوا ده تحرر و وصف واقعي و صريح
تحياتي علي كلماتك

محاولة لكسر الصمت said...

عاجزة عن الكتابة , لكن فقط أقول ان ما كتبت ذكرني بمقولة لأديب شهير يقول فيها (الأدب هو أن نحكي حكايات الاخرين كما لو كانت تخصني وأن نحكي حكاياتنا كما لو كانت تخص الاخرين) هكذا كانت قصتك, لكنها جاءت رائعة, حقا قد تمر على الواحد منا لحظات يشعر فيها بالملل من المديح الذي يتلقاه على ما يكتب ويتمنى أن يرى اعتراضا عليه, وعن تجربة فسعادتي بالاعتراض على ما اكتب تكون أكبر بكثير من سعادتي حين أقرأ كلمات من نوع (رائع وممتاز)..لا أدري لماذا نحن كذلك, ولكن بالطبع ليس من الممتع أن تشعر أنك دائما لا تخطئ وإلا قد تأتي عليك لحظات تتخيل فيها أنك لست ببشر وانك فوق الجميع......

Gannah said...

كل عام وانت الى الله أقرب
وعلى طاعته أقدر
وكل عام وأنت بخير
رزقنا الله العفو والمغفرة ودعوات لا ترد
تحياتى

Unknown said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الى هذا الحد اختلطت الامور فى ذهنه ؟ حتى ان ما راءه حلمآ صدقه وراح يسأل امه عنه
ولكنها حيرة الفنان والانسان الحساس من يعي الامور بقلبه واحساسه قبل عينهُ وأذنه
(((اعجبتنى)))
وخاصة النهاية
غير متوقعة

3ali said...

very nice topic man