أليس لديك أصدقاء ؟
نظر لها .. كأنه أستغرب السؤال , كانت نظرته مزيجاً من الدهشة الممزوجة بالأسى الذي كان يحاول جاهداً أن يمحوه , وحينما ألتفتت له بدورها وهي ترتشف من كوب القهوة الساخن الذي تحتمي فيه , أشاح بنظره كأنه يخفي شيئاً , محملقاً للبحر كأنه يستجديه أن يُلهمه . شرع في الحديث حتى لا تلاحظ شيئاً يموج ويتخبط داخله , بدأ حديثه بنصف إبتسامة
لا
أحد ليس لديه أصدقاء .. حتى لو كان هذا الصديق نبتة قرنفل صغيره يسقيها
كل يوم في الصباح , أو حتى قط مُشرد يتمسح بقدميك وأنتِ في إنتظار
الحافلة .. لا أحد
صادقت مرة مقعداً في حديقة الأزهر فترة من الزمن , بعدها هجرني ولم يعد يستمع لي , ربما فضل أحاديث العشاق أكثر مني , لا أعلم !
صادقت مرة مقعداً في حديقة الأزهر فترة من الزمن , بعدها هجرني ولم يعد يستمع لي , ربما فضل أحاديث العشاق أكثر مني , لا أعلم !
ضحكت لثواني
أخرست بعدها الضحكة وهي تخفي أسنانها , حتى لا تلفت أنظار المارة رغم أن عددهم كان شحيحاً
أخرست بعدها الضحكة وهي تخفي أسنانها , حتى لا تلفت أنظار المارة رغم أن عددهم كان شحيحاً
"مقعد في حديقة الأزهر و قرنفل وقطة "
"قط لو سمحت "
يالك من بائس
وكأن العبارة صدمته .. على حقيقة لم يشاء أن يراها جليه
وكأن العبارة صدمته .. على حقيقة لم يشاء أن يراها جليه
ألم تحدثين دميتك وأنت صغيرة وتحكين لها حكاية قبل النوم , وتشتكين لها من مضايقات أخيك المتكررة
أنا أقصد البشر
البشر مُتعبون
أنا أقصد البشر
البشر مُتعبون
من حوالي يومين .. رغبت بشدة ألا أتوجه إلى العمل وبعد أن
وقفت لمدة دقيقة حاملاً حقيبتي أمام عربة بها ركاب يحملقون بذلك الكائن
المتردد , قررت أن أحقق تلك الرغبة بشدة لذا سرت وتركت لقدماي القرار ,
سرت في الشوارع النصف ممتلئة قليلاً ثم قمت بالإتصال بأحدهم ... ماذا تفعل
الأن ياصديقي ؟ لاشئ أنا في المنزل ... سألته سؤالاً مستتراً يخفي رغبة
ما في زيارته و كان رده مستتراً هو الأخر يخفي عدم رغبته .. لا أتذكر
تحديداً ماذا فعلت فيما بعد , ولكني أعتدت منذ فترة طويلة على ألا أجد
مالا أريد .. لذا قررت ألا أريد أو أرغب حتى لا أشعر بمتلازمة الفقد وخيبة
الأمل المصاحبة لكل فشل في تحقيق رغبة ...وهذا سيء جداً
وأكتشفت
بالتجربة أن ليس هناك أجمل من المواعيد والمقابلات والأحاديث و كل شيء ..
كل شئ تلقائي و لم يُعد له مُسبقاً , كل شئ تلقائي جميل
قال
لي صديق مرة أنك إذا أردت أن تعلم تحديداً مدى صداقتك بإنسان .. فأنظر إلى
لقاءكما .. أنصت إلى الفراغ والصمت الذي يجثو بثقل جثته فتملئ أنفاسه
الكريهه ما بينكما .
أصبحت تلك اللحظات نادرة التي تتوق فيها للقاء مُنتظر مع أحد الأصدقاء .. تلك اللقاءات الذي تنساب فيها الأحاديث التي لا تنتهي بسهولة, ولاتشعر حتى بمرور الوقت سريعاً , أما إذا ساد الصمت وباءت محاولات إستجلاب الأحاديث من العدم ..فلا تأمل كثيراً
وتظل تدور في دوائر ... " ما أخبارك الأن .؟ .. أخبار العمل ؟ ... ممممم
هل هناك جديد ؟ أخبار العائلة ؟ , نفس الأسئلة تتكرر و نفس الإجابات على الأسئلة ذاتها , كأننا نمثل أدوار كُتبت لنا بدقة .. نمثلها بإحتراف لا مثيل له
يبدو أنك تُبطن ولا تظهر الكثير, صمتت كثيراً بعد أن تنهدت هل أدعوك على كوب قهوة أخر
؟
أبتسم
وأندهشت كونه مازال قادراً على الإبتسام
كوب القهوة السابق كان مُقابل تغييري لإطار سيارتك في ساعة متأخرة منذ قليل .. هذا الكوب مُقابل ماذا ؟
رفعت حاجبيها .. وفتحت فاها الصغير على أخره , وهزت رأسها هزاً طفيفاً يميناً ويساراً .. متعجبة من قوله هذا
" هل تعتبر كل شئ في هذا العالم بمقابل؟"
همت بتركه والتوجه لباب سياراتها .. فأستعشر هو مابدى منه , فلحق بها
وسارع " أدعوك أنا هذه المرة على كوب قهوة
تسمرت في مكانها ... وقد أطالت النظر إليه وهي تضغط على شفتيها
أبتسم .. وكأنه أدرك أن إبتسامته غدت نقطة ضعفها .. " أنا لا أحسن الكلام أحياناً
فأستسلمت له وعادت لتستند على سور الكورنيش , وهم هو بعبور الطريق فقطعت سيره بقولها
مقابل ماذا .. ؟ كوب القهوة ؟" "
فضحك .. ضحكة مُرهَقه .. مقابل أنك تراجعتي عن الذهاب , وأستمر بعدها ليقطع الطريق
طوى الطريق سريعاً عائداً بكوبي قهوة ساخنيّن
ملأت رئتيها بشذا القهوة .. "أتعلم ذلك الكوب الورقي الملون كأنه يقتطع جزءاً من القهوة .. ينتقص منها , شرب القهوة في الفناجين له مذاق أخر "
"أظن أن درويش ذكر ذلك
تحدث درويش كثيراً عنها أتتذكرين "
القهوة هي القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح
تلقفت العبارة و أكملتها " والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار, وأظن أن القهوة نجحت في ذلك " قالت تلك العبارة ممزوجه بإبتسامة ماكرة
فهم المغزى .." أنا بئر عميق لا تحاولين
لماذا تُشعرني في حديثك أنك لست من البشر ؟
ولماذا ليس العكس .. هم من تخلوا عن بشريتهم ؟ بشر من حيث الشكل فقط ؟
تتفلسف كثيراً أنت
أنا أبسط مما تتخيلين , ربما كانت أحد أمنياتي أن أستيقظ في الصباح لأجد جورباً مناسباً , أن أمد يدي في جيبي لأجد مالاً يكفي لشراء كتاب أو كتابين بشرط أن أستطيع أن أكمل بقية الشهر بدون الإستدانة , أن يبتسم لي طفل في بداية يوم لأتفاءل به
ألا أضطر لحلاقة ذقني مرة كل أسبوع , ألا أجبر على الإبتسام , ألا أبرر خطئي
أن تعود لي الفتاة التي أحببتها .. قال الأمنية الأخيرة وقصد أن يلاحظ رد فعلها
بدى صوت نفسها مسموعاً
أوشكت القهوة الثانية على الإنتهاء ولست مستعدة لكوب أخر حتى لا تقضي على ساعات نوم أخيرة أتمناها
أتعلم شيئاً , نحن مُتشابهان إلى حد كبير و لكنه ذلك التشابه الذي يبقينا غرباء , أنا أشبهك لدرجه تخيفني أن أسبر أغوارك و أقتحم شوارعك الخلفية المظلمة لأجد نفس الصندوق"الأسود" .
هل أدفنه داخلي حتى أجده في مكان آخر؟ نفس المخاوف والأفكار وكل شئ ..مجرد الإقتراب منك يلقيني في دوامات أحاول جاهدة في الإبتعاد عنها , نظرت له و بوادر رقرقة في العينيّن و نصف إبتسامة على وجهها " مفاجأة أنا إنسان ! أحتاج أحياناً لإختلاق الأعذار والبكاء على صدر يسعني أنا فقط لاتشاركني فيه هموم العالم , أتعلم عليّ الذهاب شكراً على تغيير الإطار و القهوة الثانية ولاتنسى أن تلقي الأكواب في أقرب سلة مُهملات
.......................
مصدر الصورة
أصبحت تلك اللحظات نادرة التي تتوق فيها للقاء مُنتظر مع أحد الأصدقاء .. تلك اللقاءات الذي تنساب فيها الأحاديث التي لا تنتهي بسهولة, ولاتشعر حتى بمرور الوقت سريعاً , أما إذا ساد الصمت وباءت محاولات إستجلاب الأحاديث من العدم ..فلا تأمل كثيراً
وتظل تدور في دوائر ... " ما أخبارك الأن .؟ .. أخبار العمل ؟ ... ممممم
هل هناك جديد ؟ أخبار العائلة ؟ , نفس الأسئلة تتكرر و نفس الإجابات على الأسئلة ذاتها , كأننا نمثل أدوار كُتبت لنا بدقة .. نمثلها بإحتراف لا مثيل له
يبدو أنك تُبطن ولا تظهر الكثير, صمتت كثيراً بعد أن تنهدت هل أدعوك على كوب قهوة أخر
؟
أبتسم
وأندهشت كونه مازال قادراً على الإبتسام
كوب القهوة السابق كان مُقابل تغييري لإطار سيارتك في ساعة متأخرة منذ قليل .. هذا الكوب مُقابل ماذا ؟
رفعت حاجبيها .. وفتحت فاها الصغير على أخره , وهزت رأسها هزاً طفيفاً يميناً ويساراً .. متعجبة من قوله هذا
" هل تعتبر كل شئ في هذا العالم بمقابل؟"
همت بتركه والتوجه لباب سياراتها .. فأستعشر هو مابدى منه , فلحق بها
وسارع " أدعوك أنا هذه المرة على كوب قهوة
تسمرت في مكانها ... وقد أطالت النظر إليه وهي تضغط على شفتيها
أبتسم .. وكأنه أدرك أن إبتسامته غدت نقطة ضعفها .. " أنا لا أحسن الكلام أحياناً
فأستسلمت له وعادت لتستند على سور الكورنيش , وهم هو بعبور الطريق فقطعت سيره بقولها
مقابل ماذا .. ؟ كوب القهوة ؟" "
فضحك .. ضحكة مُرهَقه .. مقابل أنك تراجعتي عن الذهاب , وأستمر بعدها ليقطع الطريق
طوى الطريق سريعاً عائداً بكوبي قهوة ساخنيّن
ملأت رئتيها بشذا القهوة .. "أتعلم ذلك الكوب الورقي الملون كأنه يقتطع جزءاً من القهوة .. ينتقص منها , شرب القهوة في الفناجين له مذاق أخر "
"أظن أن درويش ذكر ذلك
تحدث درويش كثيراً عنها أتتذكرين "
القهوة هي القراءة العلنية لكتاب النفس المفتوح
تلقفت العبارة و أكملتها " والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار, وأظن أن القهوة نجحت في ذلك " قالت تلك العبارة ممزوجه بإبتسامة ماكرة
فهم المغزى .." أنا بئر عميق لا تحاولين
لماذا تُشعرني في حديثك أنك لست من البشر ؟
ولماذا ليس العكس .. هم من تخلوا عن بشريتهم ؟ بشر من حيث الشكل فقط ؟
تتفلسف كثيراً أنت
أنا أبسط مما تتخيلين , ربما كانت أحد أمنياتي أن أستيقظ في الصباح لأجد جورباً مناسباً , أن أمد يدي في جيبي لأجد مالاً يكفي لشراء كتاب أو كتابين بشرط أن أستطيع أن أكمل بقية الشهر بدون الإستدانة , أن يبتسم لي طفل في بداية يوم لأتفاءل به
ألا أضطر لحلاقة ذقني مرة كل أسبوع , ألا أجبر على الإبتسام , ألا أبرر خطئي
أن تعود لي الفتاة التي أحببتها .. قال الأمنية الأخيرة وقصد أن يلاحظ رد فعلها
بدى صوت نفسها مسموعاً
أوشكت القهوة الثانية على الإنتهاء ولست مستعدة لكوب أخر حتى لا تقضي على ساعات نوم أخيرة أتمناها
أتعلم شيئاً , نحن مُتشابهان إلى حد كبير و لكنه ذلك التشابه الذي يبقينا غرباء , أنا أشبهك لدرجه تخيفني أن أسبر أغوارك و أقتحم شوارعك الخلفية المظلمة لأجد نفس الصندوق"الأسود" .
هل أدفنه داخلي حتى أجده في مكان آخر؟ نفس المخاوف والأفكار وكل شئ ..مجرد الإقتراب منك يلقيني في دوامات أحاول جاهدة في الإبتعاد عنها , نظرت له و بوادر رقرقة في العينيّن و نصف إبتسامة على وجهها " مفاجأة أنا إنسان ! أحتاج أحياناً لإختلاق الأعذار والبكاء على صدر يسعني أنا فقط لاتشاركني فيه هموم العالم , أتعلم عليّ الذهاب شكراً على تغيير الإطار و القهوة الثانية ولاتنسى أن تلقي الأكواب في أقرب سلة مُهملات
.......................
مصدر الصورة