إتصال من صديق يقطع عملي على الرغم من أني عادة ما أتجاهل الإتصالات وقت العمل .... ألو .... البقاء لله
سألت جدتي يوما هل يحب الله أن يجعلنا نشعر بالألم والحزن حينما يموت الناس ؟ قالت هذه سنة الحياة منذ أن خُلق أدم حتى أنبياء الله ورسله ماتوا ..ألا نموت نحن , هو فُراق مؤقت يا بُني وليس مالا نهاية
حالة من الحزن الشديد تعتريك حينما تعلم أن شخصاً ما كان يسير معك في الطرقات يوماً , صافحته يوماً , أحضتنته يوماً وتحدثت معه حتى لو كانت مجرد علاقة عابرة , مجرد محادثة قصيرة , مجرد عناق في مناسبة سعيدة تتبادلون فيها الإبتسامات والقُبل الخالصة , يكفي أنك لا تتذكره بأي سوء ... يكفي هذا . كم هي وظيفة حقيرة التي لا تحترم مشاعر إنسان وتجعله يبتلع حزنه بمرارة تاركاً غُصة ليكمل ما بدأه ليرغم إبتسامه على الظهور , إبتسامة صفراء , أحسست حينها أنني مجرد مهرج أو بلياتشو
سألت جدتي يوما هل يحب الله أن يجعلنا نشعر بالألم والحزن حينما يموت الناس ؟ قالت هذه سنة الحياة منذ أن خُلق أدم حتى أنبياء الله ورسله ماتوا ..ألا نموت نحن , هو فُراق مؤقت يا بُني وليس مالا نهاية
حالة من الحزن الشديد تعتريك حينما تعلم أن شخصاً ما كان يسير معك في الطرقات يوماً , صافحته يوماً , أحضتنته يوماً وتحدثت معه حتى لو كانت مجرد علاقة عابرة , مجرد محادثة قصيرة , مجرد عناق في مناسبة سعيدة تتبادلون فيها الإبتسامات والقُبل الخالصة , يكفي أنك لا تتذكره بأي سوء ... يكفي هذا . كم هي وظيفة حقيرة التي لا تحترم مشاعر إنسان وتجعله يبتلع حزنه بمرارة تاركاً غُصة ليكمل ما بدأه ليرغم إبتسامه على الظهور , إبتسامة صفراء , أحسست حينها أنني مجرد مهرج أو بلياتشو
يقدم عرضاً في السيرك لينتظر تصفيقاً حاداً في النهاية من الجمهور ثم ينزوي في ركن قصيّ ليبكي وحيداً لا يرى أحداً دموعه
كأن الإنسان داخله كائن ما يرفض الموت ويحاول تجاهل تلك الحقيقة التي تطارده طوال حياته , يحاول أن يتناساها وحتى إن حدثت وعشناها بكل تفاصيلها لا نصدقها , نظل مبهوتين فترة غير مدركين
الموت كالسفر الطويل , أمخيف هو؟ , الطيبون لا يخافون من الموت , إذن أنا لست طيب ياجدتي لأني أخاف أن أموت , لا ياقُرة عيني إذا لم تكن أنت طيب فمن يكون الطيب وضمتني فألتصقت رائحة شالها الأسود ولم تبرح مكانها في الذاكرة حتى اليوم , أنت فقط تخاف ما تجهله, أتخافين من الموت يا جدتي؟ لمعت عينيها وإبتسمت ومن لايخاف يا ولدي ولكن شوقي يتغلب على خوفي ,شوقك إلى ماذا ؟
الموت كالسفر الطويل , أمخيف هو؟ , الطيبون لا يخافون من الموت , إذن أنا لست طيب ياجدتي لأني أخاف أن أموت , لا ياقُرة عيني إذا لم تكن أنت طيب فمن يكون الطيب وضمتني فألتصقت رائحة شالها الأسود ولم تبرح مكانها في الذاكرة حتى اليوم , أنت فقط تخاف ما تجهله, أتخافين من الموت يا جدتي؟ لمعت عينيها وإبتسمت ومن لايخاف يا ولدي ولكن شوقي يتغلب على خوفي ,شوقك إلى ماذا ؟
متى ؟ .. بعد صلاة المغرب , ينتابني توتر خوفاً من عدم اللحاق بصلاة الجنازة , سأحاول جاهداً أن ألحق الصلاة إن شاء الله
كنت أتمنى حينها ألا يؤذن المغرب أبداً , بدا لي أن الأجواء مُفعمة نوعاً ما بفرحة و أعتقدت حينها اني وحدي الحزين فقط السماء كانت تحاول ان تواسيني , لتكتسي بالتدريج برداء أسود بعد أن أنزلقت الشمس و ابتلعتها الحقول , ربما السماء هي الوحيدة التي تضامنت معي , وفجأة صدح الأذان وبالكاد كنت مُنطلقاً للتوّ , وأنقبض قلبي لسماع الأذان , كيف أسامح نفسي إذا فوّت الصلاة؟
أشتاق لجدك يا ولدي, أعطتني الحياة الكثير وأخذت مني أكثر , أثقلت كاهلي بالكثير من أحمالها , ألم يأتي الوقت لكي أستريح ,
ألا تحبيني يا جدتي... أتريدين مفارقتي ؟ يعلم الله أنك تسكن قلبي , ألم أقل لك إنه فراق مؤقت سنتقابل بإذن الله ونجتمع كلنا في الجنة , حياة بدون ألم وبدون حزن بدون فراق ووداع وتظاهر وإدعاء وكذب , الطيبون فقط ... الطيبون
مات , رحل , ذهب ثلاثة حروف , هي كلمة من ثلاثة حروف فقط تخبئ الكثير والكثير , الكثير من القسوة الغير مبررة - لنا على الأقل - الكثير من الحزن , كنت أدرك أنها حالة رغم ثقلها على نفس الإنسان إلا أنها مؤقته سأنساها حتما بعد أن تقطع مني ذلك الجزء الذي لايعود أبداً ولايعوض , يومين , يومان , ثلاثة أربع سبع أسبوع شهر ... حتماً ستنسى .. حتماً ستخدر وتفيق على ألم أعظم , وتظل تلك الفجوة داخلك... هوة عميقة من الحزن تسقط فيها , بئر رطب يبتلعك بعد أن يلعقك ويمضغك جيداً .. فتمسي لقمة سائغة للحزن , كما كانت صرخات أمه المنحوته على جدراني الأن تمزقني تطحنني بين شقي صوتها المتهدج ونداءها عليه
ماذا .. أنا سأموت أيضاً , يوماً ما سأموت ربما الأن , بعد لحظات , ربما غداً , ربما, لماذا أنسى ذلك ؟
جدتي ربما لم أعد ذلك الطيب الذي كنت تحتضنيه , جدتي بالأمس كنت أمشي بين القبور في الظلام , لم أشعر بالخوف والرهبة الشديدة , الصمت الشديد كان يلف المكان, شعرت بسكينة عجيبة ... ياااااه سنصل هنا في النهاية ... هل يرانا الأن الأحباب الذين رحلوا يا جدتي .؟ هل تستطيعين الشعور بي هل تسمعين دعائي لكي ولكل الراحلين ؟ جدتي بالأمس جاءكم صديق لي له إبتسامه طيبه وروح خفيفة... صديق من سني , فاستوصوا به خيراً حتى نلحق به و نسعد برؤياكم بعد ان ننفض غبار السفر الطويل.