Thursday, June 14, 2012

لم تحتمل أن تراه يُقتــل مرتين


حدثني قليلاً عن شعور الأمهات عندما يشعرن بمرارة اليُتم , رفعت يديها في تضرع إلى السماء وأطلقتها في السماء ....... يــــــــارب
شعرت حينها أن أيّ كلمات أو عبارات للمواساة والتخفيف ... مهترأة ومهلهلة تفضح وتلهب لا تسكن وتخفف , شعرت أن الصبر ضئيل بجوارها

نظرت لي وعينيها فيهما أثر إحمرار و رقرقة لا تثير في النفس إلا رغبة في البكاء بلا جدوى فأنكسرت ... فتسيل خيوط من دمعها العذب  ويتسع داخلي صدعاً فتمد يمناها إلى خديها بشالها الأسود فتمسح الدمع و لا تمسح الحزن .

من لي غير الله " .... " أتقتلوه مرتين ؟" ....
مرة بالرصاص ... و مرة بالصمت , الله موجود ومُطلع على الظالمين

مُطلع على ألمي ... ستذوقون ألمي , مرارة الفقد , كان بالأمس يركل بقدميه في أحشائي ... أكاد أشعر بنبضه بين ثنايايّ
أشعره يقضم ثديي بشفتيه الرقيقتان , ملمس جلده الناعم , أهدهده أغني له وأمسده وأسكنه قبره بنفس اليديّن التي كانتا تلقفه في الهواء فيكركر ويضحك ضحكة كزقزقة الطيور ... الأن لا يضحك , هو حزين
حزين ...  كما كنت ألمحه هناك...  قابع أسفل منضدة الطعام .. يحيط بذراعيّه قدميّه المضمومتين إلى جسده الضئيل ... يجهش بالبكاء تارة ويمنع نفسه تارة .. بعد أن ضربتهُ أو حرمتهُ , ولو و آه من لو ... لو كنت أعلم  ...

ورفعت عينيّها المُنهكتيّن إلى السماء , تهز رأسها هزاً طفيفاً إلى الأمام وإلى الوراء ... وتتمتم بعبارات لا أكاد أسمعها ... فخفت أن يمسها الجنون , فهذا الوجع لا يقوى على إحتماله إنسان ... فأقتربت و تقدمت يدي متردده ثم أرتدت سريعاً تمسح على مؤخرة رأسي تتحسس شرخاً
ثم عادت على مهل إلى أن لمست كتفها فأحسست برعشات جسدها المضطرب تسري إلى جسدي ... فقبضت على كتفها وقبض البكاء على صدري يعتصرني إعتصاراً ... فوجدت نفسي أرتمي على كتفها وهي من
تربت على كتفي .

قالت لها... أنها رأته وهي تهدهده وتغني له لينام ... فنام ونامت وهي تلمسه بخدها , فقامت من النوم على ضوء شديد يخترق جفنيّها   فقامت على إبتسامة ثغره  وكانت بإتساع الكون .. مسح على رأسها و حملها وضمها إلى صدره وهدهدها كما لو كانت طفلة ... كانت هي الطفلة وقفا حذو النافذة .. وأشار لها وهو يبتسم إلى هناك ... فنظرت

وبعد أن أستمعتُ إلى حُلمها التي رأته وسردته لإبنتها ... وروحها ترفرف وقلبها قد أمتلئ بإبتسامة إبنها التي لم تفارقها منذ أستيقظت ... هممت  مُندفعاً طارقاً بابها .... أمسكت أبنتها يديّ وقبضت عليها ... وهي تجاهد دمعة تحاربها ...

 فتغتصب نصف إبتسامة " هي الأن سعيدة"
لم تحتمل أن تراه يُقتــل مرتين

3 comments:

محمد الجرايحى said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحيي قلمك النابض على ماسطره فى تصوير مؤثر وبالغ الأثر

تقبل خالص تقديرى واحترامى

شمس النهار said...

كلمات قوية جميلة

ان شاء الله مايموت مرتين
ويجي يوم نحس انه مامات اصلا

مروه زهران said...

كلمات جميلة ومؤلمة جدا